الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }

{ وقال } يعقوب ناصحا لبنيه لما ازمع على ارسالهم جميعا { يا بنى لا تدخلوا } مصر { من باب واحد } وكان لها اربعة ابواب { وادخلوا من ابواب متفرقة } اى من طرق شتى وسكك مختلفة مخافة العين فان العين والسحر حق اى كائن اثرهما فى المعين والمسحور وصاهم بذلك فى هذه الكرة لانهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة مشتهرين فى مصر بالقربة عند الملك فخاف عليهم ان دخلوا جماعة واحدة ان يصابوا بالعين ولم يوصهم فى الكرة لانهم كانوا مجهولين حينئذ مغمورين بين الناس غير متجملين تجملهم فى الثانية وكان الداعى اليها خوفه على بنيامين در لطائف آورده كه يعقوب در اول مهر بدرى بيدا كرد وآخر عجز بندكى آشكار كرد كه كفت { وما اغنى عنكم } اى لا انفعكم ولا ادفع عنكم بتدبيرى { من الله } وقضائه { من } من رائدة لتأكيد النفى { شيء } اى شيئا فان الحذر لا يمنع القدر
من جهد همى كنم قضا ميكويد بيرون زكفايت توكار دكرست   
ولم يرد به الغاء الحذر بالمرة كيف لا وقد قال تعالىولا تلقوا بايديكم الى التهلكة } وقالخذوا حذركم } بل اراد بيان ان ما وصاهم به ليس مما يستوجب المراد لا محالة بل هو تدبير فى الجملة وانما التأثير وترتب المنفعة عليه من العزيز القدير وان ذلك ليس بمدافعة للقدر بل هو استعانة بالله وهرب منه اليه { ان الحكم } اى ما الحكم مطلقا { الا الله } لا يشاركه احد ولا يمانعه شيء فلا يحكم احد سواه بشيء من السوء وغيره { عليه } لا على احد سواه { توكلت } فى كل ما آتى واذر. وفيه دلالة على ان ترتيب الاسباب غير مخل بالتوكل { وعليه } دون غيره { فليتوكل المتوكلون } الفاء لافادة التسبب فان فعل الانبياء سبب لان يقتدى بهم. قال سهل بن عبد الله التسترى قدس سره للعباد على ثلاثة اشياء تكليفهم وآجالهم والقيام بامرهم ولله على العباد ثلاثة التوكل عليه واتباع نبيه والصبر على ذلك الى الموت. ومعنى ذلك ان الثلاثة الاول دخول العبد فيها تكلف اذ لا يتصور وجودها بسبب منه ولا يجب على الله شيء. والثلاثة الاخر لا بد من قيام العبد بها اذ لا بد من تسببه فيها. واعلم انه قد شهدت باصابة العين تجاريب العلماء من الزمن الاقدم وتطابق السنة الانبياء على حقيتها قال الكمال الجندى
عقل باطل شمردجشم توهر خون كه كند ظاهرا بى خبر ازنكته العين حقست   
وفى الحديث " ان العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر " وعن على رضى الله عنه " ان جبريل اتى النبى صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتما فقال يا محمد ما هذا الغم الذى اراه فى وجهك فقال " الحسن والحسين اصابهما عين " فقال يا محمد صدقت فان العين حق وتحقيقه ان الشيء لا يعان الا بعد كماله "

السابقالتالي
2 3 4 5