الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ يَـۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } عنهم (ع) كان هناك: فى علىّ؛ فأسقطوه { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ } خوفاً من افتتان امّتك وفتنتك بهم { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } لانّ الولاية غاية الرّسالة فان لم تحصل كانت الرّسالة كأن لم تحصل { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } فلا يكن خوف فتنتك منهم مانعاً من التّبليغ { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } الى مرادهم من السّوء بك يعنى لا يخلّى بينهم وبين مرادهم. هذه الآية وآية { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } قد روى من طريق الخاصّة بطرقٍ كثيرة انّهما فى ولاية علىّ (ع) ونزولهما كان فى حجّة الوداع قبل منصرفه (ص) او بعده (ص) الى غدير خمّ، وهذه السّورة بتمام آيها آخر ما نزلت ولم ينزل بعدها شيء من القرآن، والخطب الّتى خطب النّبىّ (ص) بها فى مكّة ومسجد الخيف وغدير خمّ مذكورة من طريقهم فى المفصّلات من التّفاسير وغيرها، ومتأخّرو مفسّرى العامّة اكتفوا فى تفسير هذه الآية بظاهر اللّفظ وفسّروها هكذا يا ايّها الرّسول بلّغ جميع ما انزل اليك من ربّك وان لم تفعل اى تبليغ الجميع فما بلّغت شيئاً من رسالته على قراءة رسالته بالافراد او ما بلّغت جميع رسالاته على قراءة رسالاته بالجمع، ونزول الآية لو كان فى اوّل التّبليغ كان لهذا التّفسير وجه، ولمّا كان نزول الآية فى آخر التّبليغ كما عليه الشّيعة او بعد الهجرة كما عليه الكلّ لم يكن لهذا التّفسير موقع، لانّه قبل نزول الآية كان قد بلّغ اكثر التّكاليف وبقى بعضها فان كان الباقى مثل ما بلّغ سابقاً من احكام القالب لم يكن يخاف من التّبليغ ولا يتأمّل فيه حتّى يصير معاتباً بتركه، لانّه كان قد بلّغ اكثر الاحكام حين الانغمار وغلبة المشركين ولم يخف منهم فكيف يخاف حين ظهور سلطانه وقبول احكامه، فينبغى ان يكون خوفه من امّته وافتتان اتباعه ولا يكون الاّ اذا كان الامر المأمور هو بتبليغه امراً عظيماً ثقيلاً على اسماع الامّة، حتّى يخاف (ص) من عدم قبولهم وارتدادهم ويخاف على نفسه ايضاً من الاذى والقتل، ويتأمّل فى التّبليغ ويتردّد فيه فيصحّ من الله مجيء العزيمة والامر البتّى فيه والعتاب والتّهديد على تركه ووعد العصمة من النّاس فى تبليغه، ومن انصف من نفسه علم انّ هذا الامر لا يكون من جنس الصّوم والصّلوة ولا الحجّ والزّكوة ولا الخمس والجهاد ولا سائر العقود والمعاملات بل امراً خارجاً من جنس تلك الاحكام ولا يتصوّر الاّ ان يكون ذلك الامر نصب شخص للامارة عليهم بعده وادخالهم تحت حكمه مع كونه مبغوضاً لهم، وما ادّعى هذا لاحدٍ الاّ لعلىّ (ع) وقد قال (ص) باتّفاق الفريقين:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد