الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً }

قوله: { سَبْحَاً }: العامَّةُ على الحاء المهملة وهو مصدرُ سَبَحَ، وهو استعارةٌ، استعارَ للتصرُّفِ في الحوائجِ السِّباحةَ في الماءِ، وهي البُعْدُ فيه. وقرأ يحيى بن يعمر وعكرمة وابنُ أبي عبلة سَبْخاً " بالخاء المعجمةِ. واختلفوا في تفسيرِها، فقال الزمخشري: " استعارةً مِنْ سَبْخِ الصُّوفِ: وهو نَفْشُه ونَشْرُ أجزائِه لانتشارِ الهَمِّ وتفرُّقِ القلبِ بالشواغل. وقيل: التَّسبيخُ: التخفيفُ، حكى الأصمعيُّ: سَبَخَ الله عَنَك الحُمَّى، أي: خَفَّفَها عنك. قال الشاعر:
4366ـ فَسَبِّخْ عليكَ الهَمَّ واعلمْ بأنَّه   إذا قَدَّرَ الرحمنُ شيئاً فكائِنُ
أي: خَفِّفَ. ومنه " لا تُسَبِّخي بدُعائِك " ، أي: لا تُخَفِّفي. وقيل: التَّسْبيخ: المَدُّ. يقال: سَبِّخي قُطْنَكِ، أي: مُدِّيه، والسَّبيخة: قطعة من القطن. والجمعُ سبائخُ. قال الأخطل يصف صائِداً وكلاباً:
4367ـ فأَرْسَلوهُنَّ يُذْرِيْنَ الترابَ كما   يُذْرِيْ سبائخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوتارِ
وقال أبو الفضل الرازي: " وقرأ ابن يعمرَ وعكرمة " سَبْخاً " بالخاء معجمةَ وقالا: معناه نَوْماً، أي: يَنامُ بالنهار ليَسْتعينَ به على قيام الليل. وقد تحتمِلُ هذه القراءةُ غيرَ هذا المعنى، لكنهما فَسَّراها فلا تَجاوُزَ عنه ". قلت: في هذا نظرٌ؛ لأنهما غايةُ ما في البابِ أنَّهما نقلا هذه القراءةَ، وظَهَرَ لهما تفسيرُها بما ذكرا، ولا يَلْزَمُ مِنْ ذلك أنَّه لا يجوزُ غيرُ ما ذَكَرا مِنْ تفسيرِ اللفظة.