مَعِيَّةُ الحقِّ - سبحانه - وإن كانت على العموم بالعلم والرواية، وعلى الخصوص بالفضل والنصرة - فلهذا الخطاب في قلوب أهل المعرفة أثرٌ عظيمٌ، ولهم إلى أنْ ينتهيَ الأمرُ بهم إلى التولُّه فالوَلَهِ فالهيمان في غمار سماع هذا عيش راغد. ويقال: أصحابُ الكهف - وإن جَلَّتْ رتبتُهم واختصت من بين الناس مرتبتهم - فالحقُّ سبحانه يقول:{ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } [الكهف: 22] ولمَّا انتهى إلى هذه الآية قال: { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ } فشتَّان بين مَنْ رابِعُهُ كَلْبُه وبين من رابِعُه ربُّه!! ويقال: أهلُ التوحيد، وأصحابُ العقولِ من أهل الأصولِ يقولون: اللَّهُ واحدٌ لا من طريق العدد، والحقُّ يقول: { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } ويقال حيثما كنتَ فأنا معك؛ إن كنت في المسجد فأنا معك، وإن كنت في المصطبة فأنا معك، إن طَلَبَ العلماء التأويلَ وشوَّشوا قلوبَ أُولي المواجيد فلا بأس - فأنا معهم. إن حضرْتَ المسجد فأنا معك بإسباغ النعمة ولكن وَعْداً، وإن أتيتَ المصطبة فأنا معك بالرحمة وإسبالِ ستر المغفرة ولكن نَقْداً: