الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

قوله { نَحْنُ خَلَقْنَـٰكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدّقُونَ } التفت سبحانه إلى خطاب الكفرة تبكيتاً لهم، وإلزاماً للحجة، أي فهلا تصدّقون بالبعث، أو بالخلق. قال مقاتل خلقناكم ولم تكونوا شيئًا، وأنتم تعلمون ذلك، فهلا تصدّقون بالبعث؟ { أَفَرَءيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } أي ما تقذفون وتصبون في أرحام النساء من النطف، ومعنى { أَفَرَءيْتُم } أخبروني، ومفعولها الأوّل { ما تمنون } ، والثاني الجملة الاستفهامية، وهي { ءأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } أي تقدّرونه وتصوّرونه بشراً سوياً أم نحن المقدرون المصوّرون له، و " أم " هي المتصلة، وقيل هي المنقطعة، والأوّل أولى. قرأ الجمهور تمنون بضم الفوقية من أمنى يمني. وقرأ ابن عباس، وأبو السماك، ومحمد بن السميفع، والأشهب العقيلي بفتحها من منى يمني، وهما لغتان، وقيل معناهما مختلف، يقال أمنى إذا أنزل عن جماع، ومنى إذا أنزل عن احتلام، وسمي المنيّ منياً لأنه يمني، أي يراق. { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } قرأ الجمهور { قدّرنا } بالتشديد، وقرأ مجاهد، وحميد، وابن محيصن، وابن كثير بالتخفيف، وهما لغتان، يقال قدرت الشيء وقدّرته، أي قسمناه عليكم، ووقتناه لكل فرد من أفرادكم، وقيل قضينا، وقيل كتبنا، والمعنى متقارب. قال مقاتل فمنكم من يموت كبيراً، ومنكم من يموت صغيراً. وقال الضحاك معناه أنه جعل أهل السماء وأهل الأرض فيه سواء { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } بمغلوبين، بل قادرين. { عَلَىٰ أَن نُّبَدّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ } أي نأتي بخلق مثلكم. قال الزجاج إن أردنا أن نخلق خلقاً غيركم لم يسبقنا سابق ولا يفوتنا. قال ابن جرير المعنى نحن قدّرنا بينكم الموت على أن نبدّل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم، وما نحن بمسبوقين في آجالكم، أي لا يتقدّم متأخر، ولا يتأخر متقدّم { وَنُنشِئَكُمْ فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ } من الصور والهيئات. قال الحسن أي نجعلكم قردة وخنازير، كما فعلنا بأقوام قبلكم، وقيل المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا. وقال سعيد بن المسيب { فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ } يعني في حواصل طيور سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف، وبرهوت واد باليمن. وقال مجاهد { فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ } يعني في أيّ خلق شئنا، ومن كان قادراً على هذا فهو قادر على البعث { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأولَىٰ } وهي ابتداء الخلق من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ولم تكونوا قبل ذلك شيئًا. وقال قتادة، والضحاك يعني خلق آدم من تراب { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } أي فهلا تذكرون قدرة الله سبحانه على النشأة الأخيرة، وتقيسونها على النشأة الأولى. قرأ الجمهور { النشأة } بالقصر، وقرأ مجاهد، والحسن، وابن كثير، وأبو عمرو بالمد، وقد مضى تفسير هذا في سورة العنكبوت. { أَفَرَءيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } أي أخبروني ما تحرثون من أرضكم، فتطرحون فيه البذر { ءأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ } أي تنبتونه وتجعلونه زرعاً، فيكون فيه السنبل والحبّ { أَمْ نَحْنُ ٱلزرِعُونَ } أي المنبتون له الجاعلون له زرعاً لا أنتم.

السابقالتالي
2 3