الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }

{ فاذا سويته } اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية او سويت اجزاء بدنه بتعديل طبائعه كما فى الجنين الذى اتى عليه اربعة اشهر فلا بد لنفخ الروح من هذه التسوية البتة كما لا بد لنفخ روح الحقيقة من تسوية الشريعة والطريقة فليحافظ ولذا قال النجم فى تأويلاته { فاذا سويته } تسوية تصلح لنفخ الروح المضاف الى الحضرة { ونفخت فيه من روحى } النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صلح لامساكها والامتلاء بها وليس ثمة نفخ ولا منفوخ وانما هو تمثيل لاضافة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها اى فاذا اكملت استعداده وافضت عليه ما يحيى به من الروح التى هى من امرى واضافته الى نفسه لشرفه وطهارته او على سبيل التعظيم لان المضاف الى العظيم عظيم كما فى بيت الله وناقة الله. وبهذا ظهر فساد ما ذهب اليه الحلولية من ان من تبعيضية فيكون الروح جزأ من الله تعالى وذلك انه ليس لله تعالى روح هذا الروح من اجزائه وانما روحه نفسه الرحمانى. وايضا ان كل ماله جزء فهو ممكن ومحدث والله تعالى منزه عنهما. قال القاضى عياض رحمه الله فى الشفاء من ادعى حلول البارى تعالى فى احد الاشخاص كان كافرا باجماع المسلمين. قال الراغب الروح اسم للنفس وذلك لكون النفس بعض الروح فهو كتسمية النوع باسم الجنس كتسمية الانسان بالحيوان وجعل اسما للجزء الذى به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار وهو المذكور فى قولهقل الروح من امر ربى } وقوله { ونفخت فيه من روحى } واضافته تعالى الى نفسه اضافة ملك وتخصيصه بالاضافة تشريف له وتعظيم كقولهوطهر بيتى } انتهى. قال الامام الغزالى رحمه الله ان الروح روحان. حيوانى وهى التى تسميها الاطباء المزاج وهى جسم لطيف بخارى معتدل سار فى البدن الحامل لقواه من الحواس الظاهرة والقوى الجسمانية وهذه الروح تفنى بفناء البدن وتنعدم بالموت. وروح روحانى وهى التى يقال لها النفس الناطقة ويقال لها اللطيفة الربانية والعقل والقلب من الالفاظ الدالة على معنى واحد لها تعلق بقوى النفس الحيوانية وهذه الروح لا تفنى بفناء البدن وتبقى بعد الموت. يقول الفقير قال شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض تحريراته اعلم ان الروح من حيث جوهره وتجرده وكونه من عالم الارواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج اليه فى بقائه ودوامه ومن حيث ان البدن صورته ومظهر كمالاته وقواه فى عالم الشهادة محتاج اليه غير منفك عنه بل سار فيه لا كسريان الحلول المشهور عند اهله بل كسريان الوجود المطلق الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى الاشياء وان الاشياء من أى وجه عينه ومن أى وجه غيره يعلم كيفية ظهور الروح فى البدن ومن أى وجه عينه ومن اى وجه غيره لان الروح رب بدنه فمن تحقق له حال الرب مع المربوب تحقق له ما ذكرنا وهو الهادى الى العلم والفهم هذا كلامه قدس سره فاحفظه ودع عنك القيل والقال.

السابقالتالي
2