الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ }

{ فأنْجيناه والَّذينَ مَعه } فى الدين { برحمة منَّا } عليهم لكونهم أهلاً لها { وقَطَعْنا دَابر الَّذين كذَّبُوا بآياتنا } أى استأصلناهم ولم يبق خلفهم بعض منهم لتكذيبهم بالمعجزات الدالة على صدق هود { وما كانُوا مؤمِنينَ } عطف على الصلة، وفيه تعريض بأن ما أصابهم إنما هو لعدم إيمانهم، فمن آمن نجا وهم قليل، ومن لم يؤمن هلك وهم الكثير، وكانوا ثلاث عشرة قبيلة، قيل كان مساكنهم الشحر بفتح الشين وكسرها إلى حضرموت إلى عمان، والشحر ساحل البحر بين عمان وعدن، وكانوا مشركين ظالمين لغيرهم، بفضل قوتهم، فبعث الله سبحانه إليهم هوداً من أوسطهم نسباً، وأمرهم بالتوحيد والكف عن الظلم. قال ابن إسحاق ولم يأمرهم بغير ذلك فيما يذكر، فأبوا وزادوا عتواً وقالوا من أشد منا قوة وبنوا بكل ريع، واتخذوا المصانع، وبطشوا بطشة جبار، وآمن به مرثد بن سعد بن عفير وغيره، وكتم إيمانه وهو وغيره ممن آمن وهم قليل، فأمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين، وأجهدهم ذلك، وكان الناس فى ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء طلبوا الفرج من الله عند البيت الحرام، مؤمنهم وكافرهم من أى ملة، معظمين لمكة عارفين بمكانها من الله، وأهل مكة يومئذ العماليق، سموا بذلك لأن أباهم عمليق بن لاود بن سام بن نوح، وسيدهم معاوية ابن بكر، وكانت أمه كهولة بنت الحميرى، وقيل كلهدة بنت الخبيرى رجل من عاد. قال فى عرائس القرآن فلما جهدوا قالوا جهزوا منكم وفداً إلى مكة يستسقون فبعثوا قيل ابن عنز، ولقيم بن هزال، وعسيل بن صد ابن عاد الأكبر، ومرثد بن سعد، وجلهمة بن الخبيرى وغيرهم، وكانوا سبعين، كل واحد ممن ذكرت برهط من قومه حتى تم سبعون ونزلوا على معاوية بن بكر المذكور، وهو بظاهر مكة خارج الحرم، فأكرمهم وكانوا أخواله وأصهاره، وأن أمه من عاد لا من ثمود كما مر، فأقاموا عنده شهرين يشربون الخمر، وتغنى لهم الجرادتان، وهما أمتان، لمعاوية المذكور، وكانت إحداهما اسمها جرادة، والأخرى وردة فالجرادتان تغليب، وكان مسيرهم شهراً، ومقامهم عنده شهراً فلما رأى معاوية طول مقامهم، وقد بعث بهم قومهم يستسقون لما بهم من البلاء، شق عليه ذلك وقال هلك أخوالى وأصهارى، وهؤلاء مقيمون عندى وهم أضيافى، وأستحى إن أمرتهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه ظنوا أنى ضقت منهم، وقد هلك قومهم عطشا، فشكا ذلك إلى الجرادتين فقالتا قل شعراً ما يدرون من قاله نغنيهم به، لعل ذلك يحركهم فقال
ألا ياقيل ويحك من هوينم لعل الله يجعلنا غماما   
ويروى يصحبنا ويروى يسقينا
فيسقى أرض عاد إن عادا قد امسوا لا يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجو به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير فقد أمست نساؤهم أياما   

السابقالتالي
2 3 4