الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ }

أخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة ".

وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى احداهما فشربوا منها، فذهب ما في بطونهم من أذى أو قذى وبأس، ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن تغير أبشارهم بعدها أبداً ولن تشعث أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } ثم تلقاهم الْوِلْدَان يطوفون بهم كما يطيف أهل الدنيا بالحميم، فيقولون: ابشر بما أعد الله لك من الكرامة، ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: قد جاء فلان باسمه الذي يدعى به في الدنيا فتقول: أنت رأيته؟ فيقول: أنا رأيته، فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر شيئاً من أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه أخضر، وأصفر، وأحمر، من كل لون. ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا مثل البرق. ولولا أن الله تعالى قدر أنه لا ألم لذهب ببصره.

ثم طأطأ برأسه فنظر إلى أزواجهوأكواب موضوعة. ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة } [الغاشية: 14 - 16] فنظر إلى تلك النعمة، ثم اتكأ على أريكة من أريكته، ثم قالالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله... } [الأعراف: 43]. ثم ينادي منادٍ: تحيون فلا تموتون أبداً، وتقيمون فلا تظعنون أبداً، وتصحون فلا تمرضون أبداً. والله تعالى أعلم.

أما قوله تعالى: { وفتحت أبوابها }.

أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون ".

وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد. فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله فهل يدعى أحد منها كلها؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم ".


السابقالتالي
2 3