الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } أي هذين الأمرين العظيمين. ولعله أريد بخلقهما خلق ما فيهما أيضاً، وعدم التصريح بذلك لظهور اشتمالهما على جميع العلويات والسفليات. وقوله سبحانه: { بِٱلْحَقّ } متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل { خلق } أي قائماً بالحق، ومعنى الآية حينئذ كما قيل كقوله تعالى:وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَـٰطِلاً } [ص: 27] وجوز أن يكون حالاً من المفعول أي متلبسة بالحق، وأن يكون صفة لمصدر الفعل المؤكد أي خلقاً متلبساً بالحق.

{ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } تذييل لما تقدم؛ والواو للاستئناف. واليوم بمعنى الحين متعلق بمحذوف وقع خبراً مقدماً و { قَوْلُهُ } مبتدأ و { ٱلْحَقّ } صفته، والمراد بالقول المعنى المصدري أي القضاء الصواب الجاري على وفق الحكمة فلذا صح الإخبار عنه بظرف الزمان أي وقضاؤه سبحانه المعروف بالحقية كائن حين يقول سبحانه لشيء من الأشياء كن فيكون ذلك الشيء وتقديم الخبر للاهتمام بعموم الوقت كما قيل، ونفى السعد كونه للحصر لعدم مناسبته وجعل التقديم لكونه الاستعمال الشائع. وتعقب بأن المعروف الشائع تقديم الخبر الظرفي إذا كان المبتدأ نكرة غير موصوفة أو نكرة موصوفة أما إذا كان معرفة فلم يقله أحد. وقيل: إن { قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } مبتدأ وخبر و { يوم } ظرف لمضمون الجملة والواو بحسب المعنى داخلة عليها والتقديم للاعتناء به من حيث إنه مدار الحقية، وترك ذكر المقول له للثقة بغاية ظهوره. والمراد بالقول كلمة { كن } تحقيقاً أو تمثيلاً. والمعنى وأمره سبحانه المتعلق بكل شيء يريد خلقه من الأشياء حين تعلقه به لا قبله ولا بعده من أفراد الأحيان الحق أي المشهود له بالحقية، وقيل: إن الواو للعطف و { يوم } إما معطوف على { ٱلسَّمَـٰوَاتِ } فهو مفعول لخلق مثله، والمراد به يوم الحشر أي وهو الذي أوجد السماوات والأرض وما فيهما / وأوجد يوم الحشر والمعاد، وإما على الهاء فيوَٱتَّقُوهُ } [الأنعام: 72] فهو مفعول به مثله أيضاً، والكلام على حذف مضاف أي اتقوا الله تعالى واتقوا هول ذلك اليوم وعقابه فزعه. وإما متعلق بمحذوف دل عليه { بِٱلْحَقّ } أي يقوم بالحق يوم الخ، وهو إعراب متكلف كما قال أبو حيان. وقيل: إنه معطوف على { بِٱلْحَقّ } وهو ظرف لخلق أي خلق السماوات والأرض بعظمها حين قال كن فكان. والتعبير بصيغة الماضي إحضار للأمر البديع. وفيه أنه يتوقف على صحة عطف الظرف على الحال بناء على أن الحال ظرف في المعنى وهو تكلف. و { قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } مبتدأ وخبر أو فاعل (يكون) على معنى وحين يقول لقوله الحق أي لقضائه كن فيكون. والمراد به حين يكوِّن الأشياء ويحدثها أو حين يقوم القيامة فيكون التكوين إحياء الأموات للحشر وقيل غير ذلك فتدبر.

السابقالتالي
2 3 4 5