الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { قَالَ ٱلْمَلأُ }: قرأ ابن عامر وحده: " وقال " بواو عطف نسقاً لهذه الجملة على ما قبلها، وموافقةً لمصاحف الشام، فإنها مرسومة فيها. والباقون بحَذْفِها: إمَّا اكتفاءً بالربط المعنويِّ، وإمَّا لأنه جواب لسؤالٍ مقدر كما تقدَّم نظيره، وموافقةً لمصاحفهم، وهذا كما تقدم في قوله:وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ } [الأعراف: 43] إلا أنه هو الذي حَذَف الواو هناك.

قوله: { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ } اللام للتبليغ. ويَضْعُف أن تكون للعلة. والسين في " استكبروا " و " استضعفوا " يجوز أن تكونَ على بابِها من الطلب أي: طلبوا ـ أولئك ـ الكِبْرَ من أنفسهم ومن المؤمنين الضعف. ويجوز أن يكون استفعل بمعنى فَعَل كعجب واستعجب.

قوله: { لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } بدلٌ من " الذين اسْتُضْعِفُوا " بإعادة العامل، وفيه وجهان أحدهما: أنه بدلُ كل مِنْ كل إن عاد الضمير في " منهم " على قومه، ويكون المستضعفون مؤمنين فقط. كأنه قيل: قال المستكبرون للمؤمنين من قوم صالح. والثاني: أنه بدلُ بعضٍ من كل إن عادَ الضمير على المستضعفين، ويكون المستضعفون ضربَيْن: مؤمنين وكافرين، كأنه قيل:/ قال المستكبرون للمؤمنين من الضعفاء دون الكافرين من الضعفاء.

وقوله: { أَتَعْلَمُونَ } في محلِّ نصب بالقول. و " من ربه " متعلق بمُرْسَل. و " مِنْ " للابتداء مجازاً، ويجوز أن تكونَ صفةً فتتعلَّق بمحذوف.

قوله: { بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ } متعلِّقٌ بـ " مؤمنون " قُدِّم للاختصاص والاهتمام وللفاصلة. و " ما " موصولةٌ. ولا يجوز هنا حَذْفُ العائد وإن اتحد الجارُّ للموصول وعائدِه؛ لاختلاف العامل في الجارَّيْن. وكذلك قوله:بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [الأعراف: 76].