الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً }

قوله عز وجل: { وإن كادوا ليستفزونَك مِنَ الأرض ليخرجوك منها } في قوله { ليستفزّونك } وجهان:

أحدهما: يقتلونك، قاله الحسن.

الثاني: يزعجونك باتسخفافك، قاله ابن عيسى. قال الشاعر:

يُطِيعُ سَفِيهَ القوْمِ إذ يَسْتَفِزُّهُ   ويعْصِي حَكِيماً شَيَّبَتْهُ الْهَزَاهِزُ
وفي قوله { ليخرجوك منها } أربعة أقاويل:

أحدها: أنهم اليهود أرادوا أن يخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، فقالوا: إن أرض الأنبياء هي الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، قاله سليمان التيمي.

الثاني: أنهم قريش هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قبل الهجرة، قاله قتادة.

الثالث: أنهم أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة. الرابع: أنهم أرادوا قتله ليخرجوه من الأرض كلها، قاله الحسن.

{ وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } يعني بعدك، قال خلْفك وخلافك وقد قرئا جميعاً بمعنى بعدك، ومنه قول الشاعر:

عَفَتِ الدِّيَارُ خِلاَفَها فَكَأَنَّما   بَسَطَ الشَّوَاطبُ بَيْنَهُم حَصِيراً
وقيل خلفك بمعنى مخالفتك، ذكره ابن الأنباري.

{ إلا قليلاً } فيه وجهان:

أحدهما: أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم له إلى قتلهم يوم بدر، وهذا قوله من ذكر أنهم قريش.

الثاني: ما بين ذلك وقتل بني قريظة وجلاء بني النضير، وهذا قول من ذكر أنهم اليهود.