الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ }

قوله: { لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ }: في هذه الجملةِ وجهان، أظهرُهما: أنَّها في محلِّ نصب نعتاً لـ " جَسَداً " ، و " جَسَداً " مفردٌ يُراد به الجمعُ، وهو على حذفِ مضافٍ أي: ذوي أجسادٍ غيرِ آكلينَ الطعامَ. وهذا رَدٌّ لقولِهم:مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } [الفرقان: 7]. و " جعل " يجوز أن يكونَ بمعنى صَيَّر فيتعدَّىٰ لاثنين، ثانيهما " جسداً " ، ويجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى خلق وأنشأ فيتعدَّىٰ لواحدٍ، فيكون " جسداً " حالاً بتأويلِه بمشتقٍ أي: مُتَغَذِّيْنَ؛ لأنَّ الجسدَ لا بُدَّ له من الغذاءِ.

وقال أبو البقاء: " إنَّ " لا يأكلون " حالٌ أخرى بعد " جَسَداً " إذا قلنا إنَّ " جعل " يتعدَّىٰ لواحدٍ ". وفيه نَظَرٌ، بل هي صفةٌ لـ " جَسَداً " بالاعتبارين، لا يليق المعنى إلاَّ به.