الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ }

قوله: { لِيُطْفِئُواْ }: في هذه اللامِ أوجهٌ، أحدُها: أنها مزيدةٌ في مفعولِ الإِرادةِ. قال الزمخشريُّ: " أصلُه: يُريدون أَنْ يُطْفِئوا، كما جاء في سورة التوبة. وكأنَّ هذه اللامَ زِيْدَتْ مع فعل الإِرادة توكيداً له لِما فيها من معنى الإِرادة في قولِك: " جِئتُ لأكرمَك " كما زِيْدَت اللامُ في " لا أبالك " تأكيداً لمعنى الإِضافةِ في " لا أباك ". وقال ابن عطية: " واللامُ في " لِيُطْفِئوا " لامٌ مؤكِّدة دخلَتْ على المفعول لأنَّ التقديرَ: يُريدون أَنْ يُطْفئوا. وأكثر ما تَلْزَمُ هذه اللامُ المفعولَ إذا تقدَّمَ. تقول: " لزيدٍ ضَرَبْتُ، ولِرؤيتِك قصَدْتُ " انتهى. وهذا ليس مذهبَ سيبويه وجمهورِ الناس. ثم قولُ أبي محمد: " وأكثرُ ما تَلْزَمُ " إلى آخره ليس بظاهرٍ لأنه لا قولَ بلزومِها البتةَ، بل هي جائزةُ الزيادةِ، وليس الأكثرُ أيضاً زيادتَها جوازاً، بل الأكثرُ عَدَمُها.

الثاني: أنَّها لامُ العلة والمفعولُ محذوفٌ أي: يُريدون إبطالَ القرآنِ أو دَفْعَ الإِسلام أو هلاكَ الرسولِ عليه السلام لِيُطْفِئوا.

الثالث: أنها بمعنى " أَنْ " الناصبةِ، وأنها ناصبةٌ للفعل بنفسِها. قال الفراء: " العربُ تجعلُ لامَ كي في موضع " أَنْ " في أرادَ وأمر " وإليه ذهب الكسائيٌّ أيضاً. وقد تقدَّم لك نحوٌ مِنْ هذا في قوله:يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } في سورة النساء [الآية: 26].

قوله: { مُتِمُّ نُورِهِ } قرأ الأخَوان وحفص وابن كثير بإضافة " مُتِمُّ " لـ " نورِه " والباقون بتنوينه ونصبِ " نورَه " فالإِضافةُ تخفيفٌ، والتنوينُ هو الأصلُ. والشيخُ ينازعُ في كونِه الأصلَ وقد تقدَّم. وقوله: " واللَّهُ متمُّ " جملةٌ حالية مِنْ فاعلِ " يريدون " أو " يُطفئوا " وقوله: " ولو كَرِه " حالٌ من هذه الحالِ فهما متداخلان. وجوابُ " لو " محذوفٌ أي: أتَمَّه وأظهرَه، وكذلك { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكافِرون }.