الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ قل ان الموت الذى تفرون منه } ولا تجسرون على أن تتمنوه مخالفة أن تؤخذوا بوبال كفركم { فانه ملاقيكم } البتة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه يعنى بكيرد شمارا وشربت آن بجشيد وفرار سودى ندارده، والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف اى باعتبار كون الموصوف بالموصوف فى حكم الموصول اى ان فررتم من الموت فانه ملاقيكم كأن الفرار سبب لملاقاته وسرعة لحوقه اذ لايجد الفار بركة فى عمره بل يفر الى جانب الموت فيلاقيه الموت ويستقبله وقد قيل اذا ادبر الامر كان العطب فى الحيلة { ثم } اى بعد الموت الاضطرارى الطبيعى { تردون } الرد صرف الشىء بذاته او بحالة من احواله يقال رددته فارتد والآية من الرد بالذات مثل قوله تعالىولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } ومن الرد الى حالة كان عليها قوله تعالىيردوكم على ادباركم } { الى عالم الغيب والشهادة } الذى لاتخفى عليه احوالكم اى ترجعون الى حيث لاحاكم ولا مالك سواه وانما وصف ذاته بكونه عالم الغيب والشهادة باعتبار أحوالهم الباطنة واعمالهم الظاهرة وقد سبق تمام تفسيره فى سورة الحشر { فينبئكم } بس خبر دهدشمارا { بما كنتم تعملون } من الكفر والمعاصى والفواحش الظاهرة والباطنة بأن يجازيكم بها. وفى التأويلات النجمية يشير الى الموت الارادى الذى هو ترك الشهوات ودفع المستلذات الذى تجتنبون منه لضعف همتكم الروحانية ووهن نهمتكم الربانية فانه ملاقيكم لايفارقكم ولكن لاتشعرون به لانهماككم فى بحر الشهوات الحيوانية واستهلاككم فى تبار مشتهياتكم الظلمانية فانكم فى لبس من خلق جديد ولا تزالون فى الحشر والنشر كا قال وجاءكم الموج من كل مكان اى موج الموت فى كل لذة شهية ونعمة نعيمة ثم تردون الى عالم الغيب غيب النيات وغيب الطويات القلبية السرية والشهادة شهادة الطاعات والعبادات فينبئكم اى فيجازيكم بما كنتم تعملون بالنية الصالحة القلبية او بالنية الفاسدة النفسية انتهى، وفيه اشارة الى انه كما لاينفع الفرار من الموت الطبيعى كذلك لاينفع الفرار من الموت الارادى لكن ينبغى للعاقل آن يتنبه لفنائه فى كل آن ويختار الفناء حبا للبقاء مع الله الملك المنان. اعلم ان الفرار الطبيعى من الموت بمعنى استكراه الطبع وتنفره منه معذور صاحبه لان الخلاص منه عسير جدا الا للمشتاقين الى لقاء الله تعالى حكى انه كان ملك الملوك أراد أن يسير فى الارض فدعا بثياب ليلبسها فلم تعجبه فطلب غيرها حتى لبس ما اعجبه بعد مرات وكذا طلب دابة فلم تعجبه حتى أتى بدواب فركب احسنها فجاء ابليس فنفخ فى منخره فملأه كبرا ثم سار وسارت معه الخيول وهو لاينظر الى الناس كبرا فجائه رجل رث الهيئة فسلم فلم يرد عليه السلام فأخذ بلجام دابته فقال ارسل اللجام فقد تعاطيت امرا عظيما قال ان لى اليك حاجة قال اصبر حتى انزل قال لا الا الآن فقهره على لجام دابته قال اذكرها قال هو سر فدنا اليه فساره وقال انا ملك الموت فتغير لون الملك واضطرب لسانه ثم قال دعنى حتى ارجع الى اهلى واقضى حاجتى فأودعهم قال لا والله لاترى اهلك ومالك ابدا فقبض روحه فخر كأنه خشبة ثم مضى فلقى عبدا مؤمنا فى تلك الحال فسلم فرد عليه السلام فقال ان لى اليك حاجة اذكرها فى اذنك فقال هات فساره انا ملك الموت فقال مرحبا واهلا بمن طالت غيبته فوالله ما كان فى الارض غائب أحب الى أن القاه منك فقال ملك الموت اقض حاجتك التى خرجت لها فقال مالى حاجى اكبر عندى ولا احب من لقاء الله قال فاختر على اى حالة شئت أن اقبض روحك فقال أتقدر على ذلك قال نعم انى امرت بذلك قال فدعنى حتى اتوضأ واصلى فاقبض روحى وانا ساجد فقبض روحه وهو ساجد وفى المثنوى

السابقالتالي
2 3