الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

{ فلمَّا استيئسُوا } يئسوا، والسين والتاء للمبالغة أو الموافقة المجرد، وقرأ البزىّ فى رواية أبى عمرو الدانى، عن ابن خواستى الفارسى، عن النقاش، عن أبى ربيعة عنه فلما استأيسوا ولا تائسوا من روح الله، وحتى إذا استائس الرسل، وأفلم يائس الذى آمنوا بالألف وفتح الباء من غير همز، والباقون بالهمز وإسكان الياء من غير ألف فى اللفظ، وإذا وقف حمزة أو ألقى حركة الهمزة على الياء على أصله { مِنْه } من يوسف أن يرد معهم بنيامين، أو من بنيامين أن يُردَّ معهم، وقال أبو عبيدة استيئسوا استيقنوا أن الأخ لا يرد إليهم. { خلصُوا } اعتزلوا عن يوسف { نجيّاً } أى مشاورة فى خفض صوت، وهو مصدر مفعول لأجله، أى اعتزلوا للتناجى فى أمر أخيهم، أو مفعول مطلق لحال محذوفة أى خلصوا ينجون نجيا، أو ناجين نجيا وهو من النجوى لا من النجاة، أو هو وصف فيكون أيضا حالا، وصح إفراده لأنه بوزن فعيل بمعنى فاعل، أو للتأويل بنوجا نجيّاً أو مصدر جاء حالا مبالغة كأنه نفس النجوى لشدة اهتمامهم، او يقدر مضاف أى ذوى نجوى، والحال على كل حال مقدرة لا مقارنة ولا محكية. وقالوا فى نجواهم نقاتل أهل البلد، كان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا، فغضب روبيل وقال بعد النجوى أيها الملك، والله إن لم تتركنا لأصيحن صيحة لا تُبقى بمصر امرأة حاملا إلا وضعت ما فى بطنها، وقامت كل شعرة فى جلده، وخرجت من ثيابه وكان بنو يعقوب إذا غضبوا ومسهم واحد منهم ذهب غيظه، فقال يوسف لابنه قم إلى جنب روبيل ومسه، فمر الغلام إلى جنبه فمسه فسكن غضبه، قال من هذا؟ إن هذا البلد فيه بزر من برز يعقوب، فقال يوسف مَنْ يعقوب؟ فغضب روبيل وقال يا أيها الملك لا تذكر يعقوب فإنه إسرائيل الله، ابن إسحاق ذبيح الله، ابن إبراهيم خليل الله، فقال له أنت إذن صادق. وفى رواية قال لهم يهودا أنا أجلس على باب السجن فلا أخليه يسجنه، وأنتم اذهبوا كل واحد إلى سوق من أسواق مصر بأسلحتكم، فإذا صحت من هنا انشقت مرارتهم، وإذا سمعتم صوتى فاضربوا يمينا وشمالا، واقتلوا من جاء إليكم، وأنا أقتل من يقصدنى، فأمر يوسف ابنه الصغير واسمه نايل وقال له يا بنى امض نحو عمك ذلك الرجل فامسح يدك على ظهره، ففعل فسكن ما به، وذهبت قوته، وأخذ ذلك الصبى فوضعه فى حجره، وقبل خده، فقال أشم منك رائحة يعقوب، من أنت؟ فلم يخبره. ولما ارتفع النهار، ولم يسمع إخوته رجعوا إليه وقالوا ما الذى أصابك يا يهودا، لم نسمع لك صوتا، فقال اسكتوا إن هنا إنسانا من آل يعقوب.

السابقالتالي
2 3 4