الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } * { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ }

{ قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةَ } لو للتمنى والمصدر من خبر إِن فاعل ثبت وبكم بمعنى عليكم يتعلق بمتعلق لى أَو بلى أَو بقوة لأَنه مصدر لا ينحل إِلى أَن والفعل، وأَيضا يتوسع فى الظروف أَو حال من قوة، والمراد القوة على أَن يدفعهم عن اللواط بنفسه أَو بغيره كما قال { أَوْ آوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } أَنضم إِلى قوم أَقوياءَ أَدفع بهم أَشداءَ ثابتين كالركن للبيت، بل ركن الجبل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أَخى لوطا كان يأْوى إِلى ركن شديد " رواه البخارى ومسلم. قال ذلك ترحما عليه وشفقة عليه لا استضعافا لقوله، وكان هو وإِبراهيم من بابل من أَرض العراق من قرية تسمى كوتا أَتيا الشام وهما فيه غريبان، وأما قوله تعالى: أَخوهم لوطاً فأُخوة بالرسالة إِليهم وأُخوة بلد لا فى الدين أَو النسب، وهو ابن أَخى إِبراهيم، وقيل ابن أُخته أَرسله الله إِلى أَهل سدوم من أَرض الشام، ويقال أَيضا سمى أَخا لهم لمجاورته لهم ومصاهرته لهم ولولادته منهم أَولادا وإِقامته فيهم مدة طويله، وفى قوله صلى الله عليه وسلم: رحم الله أَخى لوطا إِلخ إِشارة إِلى أَنه لا ينبغى للوط أَن يقول ذلك لأَن ظاهره إِقناط كل من أَن يجد ناصراً من الناس، وقد قال شعيب أَرهطى أَعز عليكم من الله، ولا أَقوى من الله، أَليس الله بكاف عبده، والإِياس من الناس جائِز والممنوع الإِياس من الله عز وجل، وما تقدم أَولى، فإِن التمنى للركن تمن لأَمر شرعى يثاب عليه كمن تمنى سيفا يجاهد به، وقد قيل أَراد بالركن العشيرة وأُجيز أَن تكون لو شرطية على حد ما مر من تقدير الفعل فيقدر لها جواب، أَى لدفعتهم كقوله تعالى:ولو أَن قرآنا سيرت به الجبال } [الرعد: 31]، وعطف أَوى على ثبت المقدر والمضارع للتجدد أَو على قوة بتقدير أَن الناصبة حذفت ورفع الفعل أَى قوة أَو آويا والقوة بنفسه فى الدفع والأَوى فى الدفع بغيره، والشرط أَولى من التمنى، لأَن جوابه المقدر يقبل أَنواعا كالدفع كما ذكرته والمنع والبطش، ويجوز أَن يكون الركن الشديد الله على أَن أَو بمعنى بل، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم " رحم الله أَخى.. إِلخ " مدحا وهو خلاف المتبادر من الآية، ولما قال من وراءِ الباب مستترا هؤلاءِ بناتى وتضرع إِليهم بالوعظ وذكر الأَوى إِلى ركن شديد من الناس ولم يجده علم أَنه ضعيف فتسوروا عليه، أَو أَرادوا التسور، ورأَى الملائِكة كربه قالوا له ما ذكر الله عز وجل عنهم فى قوله:

{ قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ } ملائِكة أَرسلنا الله إِلى إِهلاكهم فافتح الباب لهم، وقيل كسروا الباب { لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ } بإِضرارنا لأَن مضرة أَضيافه مضرة له، فقالوا لن يصلوا إِلى مضرتك، فدخلوا ودعا جبريل عليه السلام الله أَن يأْذن له فى إِعمائِهم فضربهم بجناح أَخضر فعموا، فقالوا النجاءَ النجاءَ إِن فى دار لوط سحرة فستعلم يا لوط ما نعاقبك به غدا، وقال لوط لهم متى هلاكهم فقالوا الصبح فقال أُريد إِهلاكهم الآن.

السابقالتالي
2