الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }

فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى: { وَنُنَزِّلُ } قرأ الجمهور بالنون. وقرأ مجاهد «ويُنْزِل» بالياء خفيفة، ورواها المروزيّ عن حفص. و «مِن» لابتداء الغاية، ويصح أن تكون لبيان الجنس كأنه قال: وننزل ما فيه شفاء من القرآن. وفي الخبر. «من لم يَسْتَشْفِ بالقرآن فلا شفاه الله». وأنكر بعض المتأولين أن تكون «مِن» للتبعيض لأنه يحفظ من أن يلزمه أن بعضه لا شفاء فيه. ابن عطية: وليس يلزمه هذا، بل يصح أن تكون للتبعيض بحسب أن إنزاله إنما هو مبعَّض فكأنه قال: وننزل من القرآن شيئاً شفاء ما فيه كله شفاء. الثانية: اختلف العلماء في كونه شفاء على قولين: أحدهما ـ أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وإزالة الرّيب، ولكشف غطاء القلب من مرض الجهل لفهم المعجزات والأمور الدالة على الله تعالى. الثاني ـ شفاء من الأمراض الظاهرة بالرُّقى والتعوّذ ونحوه. وقد روى الأئمة ـ واللفظ للدارقطنيّ ـ " عن أبي سعيد الخُدْريّ قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيّة ثلاثين راكباً قال: فنزلنا على قوم من العرب فسألناهم أن يُضيفونا فأبَوْا قال: فُلِدغ سيد الحيّ، فأتونا فقالوا: فيكم أحد يَرْقِي من العقرب؟ في رواية ابن قَتّة: إن الملك يموت. قال: قلت أنا نعم، ولكن لا أفعل حتى تعطونا. فقالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة. قال: فقرأت عليه «الحمد لله رب العالمين» سبع مرات فبرأ. في رواية سليمان بن قتة عن أبي سعيد: فأفاق وبرأ. فبعث إلينا بالنُّزل وبعث إلينا بالشاء، فأكلنا الطعام أنا وأصحابي وأبَوْا أن يأكلوا من الغنم، حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال: «وما يدريك أنها رقية» قلت: يا رسول الله، شيء ألقي في رُوِعي. قال: كلوا وأطعمونا من الغنم " خرّجه في كتاب السنن. وخرّج في كتاب المديح من حديث السَّرِيّ بن يحيى قال: حدثني المعتمر بن سليمان عن ليث بن أبي سليم عن الحسن عن أبي أُمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينفع باذن الله تعالى من البرص والجنون والجذام والبطن والسُّلّ والحمُى والنّفْس أن تكتب بزعفران أو بمشق ـ يعني المَغْرة ـ أعوذ بكلمات الله التامة وأسمائه كلّها عامةً من شر السّامة والعامّة ومن شر العين اللامّة ومن شر حاسد إذا حسد ومن أبي فَروة وما ولد " كذا قال، ولم يقل من شر أبي قِترة. العين اللامّة: التي تصيب بسوء. تقول: أعِيذه من كل هامّة لامّة. وأما قوله: أعيذه من حادثات اللّمة فيقال: هو الدهر. ويقال الشدة. والسامة: الخاصة. يقال: كيف السامة والعامة. والسامة السم.

السابقالتالي
2 3 4 5