والحق سبحانه يبين لنا هنا أن الأمر بالعذاب حين يصدر، فالمأمور يستجيب قهراً، ويقال إن قرى قوم لوط خمس: قرية " سدوم " وقرية " دادوما " وقرية " ضعوه " ، وقرية " عامورا " وقرية " قتم ". وقوله تعالى: { جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا.. } [هود: 82]. أي: انقلبت انقلاباً تامّاً. ويقول القرآن في موضع آخر:{ وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } [النجم: 53]. والمؤتفكة من الإفك وهو الكذب المتعمَّد، أي: قول نسبة كلامية تخالف الواقع، ولأن من يقول الإفك إنما يقلب الحقيقة إلى غير الحقيقة زعماً، ويقلب غير الحقيقة إلى ما يشبه الحقيقة. كذلك المؤتفكة، أي: القرى التي جعل عاليها سافلها فانقلبت فيها الأوضاع. ونفذ أمر الله بأن أمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، وهو طين قد تحجَّر. والحق سبحانه يقول في آية أخرى{ .. حِجَارَةً مِّن طِينٍ } [الذرايات: 33]. وكلمة " حجارة " تعطي الإحساس بالصلابة، أما كلمة " طين " فتعطي إحساساً بالليونة، ولكن الطين الذي نزل قد تحجر بأمر من الله تعالى، وهو قد نزل منضوداً.. أي: يتتابع في نظام، وكأن كل حجر يعرف صاحبه، لأن الحق سبحانه يقول بعد ذلك: { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ... }.