الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ }

و { إِن كُنتُمْ }: شرطٌ جوابُه محذوفٌ عند البَصْريين لدلالةِ " فلولا " عليه أو مقدَّمٌ عند مَنْ يرى ذلك، كما تقدَّمَ تقريرُه. والحُلْقُوْمُ: مَجْرى الطعامِ. و " مَدِيْنين " أي: مَسُوسين، أو محاسَبين، أو مجازِين. وقد تقدَّم ذلك أولَ الفاتحة ولله الحمدُ. وهذا ما تلخص في الآية الكريمة محرَّراً. وقال أبو البقاء: " وتَرْجِعونها جوابُ " لولا " الأولى، وأغنى ذلك عن جوابِ الثانية وقيل عكسُ ذلك. وقيل: لولا الثانيةُ تكريرٌ " انتهى. وتسميةُ مثلِ هذا جواباً ليس بصحيح البتَة؛ لأنَّ هذه تحضيضيةٌ لا جوابَ لها، إنما الجوابُ للامتناعيةِ لوجودٍ نحو:وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ } [النساء: 83].

وقال ابن عطية: " وقولُه: " تَرْجِعونها " سَدَّ مَسَدَّ الأجوبةِ والبياناتِ التي تَقْتَضيها التَّحْضيضاتُ، و " إذا " مِنْ قولِه: " فلولا إذا " و " إنْ " المكررة، وحَمَلَ بعضُ القولِ بعضاً إيجازاً " واقتضاباً " انتهى. فجعل " إذا " شرطيةً. وقولُه: " الأجوبة " يعني لـ " إذا " ولـ " إنْ " ولـ " إنْ " في قولِه: { إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } ، { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }. والبياناتُ يعني الأفعالَ التي حَضَّض عليها، وهي عبارةٌ قَلِقَةٌ، ولذلك فَسَّرْتُها.

قال الشيخ: " وإذا ليسَتْ شرطاً؛ بل ظرفاً يعمل فيها " تَرْجعونها " المحذوفُ بعد " لولا " لدلالةِ " تَرْجِعونها " في التحضيض الثاني عليه، فجاء التحضيضُ الأولُ مقيَّداً بوقتِ بلوغِ الحُلْقومِ. وجاء التحضيضُ الثاني مُعَلَّقاً على انتفاء مَرْبُوْبيَّتهم وهم لا يَقْدرون على رَجْعِها إذ مَرْبُوبِيَّتُهم موجودةٌ، فهم مقْهورون لا قُدْرَةَ لهم " انتهى. فجعل " تَرْجِعونها " المذكورَ لـ " لولا " الثانية، وهو دالٌّ على محذوفٍ بعد الأولى، وهو أحد الأقوالِ التي نَقَلها أبو البقاء فيما تقدم.