الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ وَٱلَّذِينَ } أي وللذين هو تبع للكلام الأول { تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني الأنصار وقوله تبوءوا الدار يعني استوطنوا المدينة وكان إيمان الأنصار قبل أن يهاجر إليهم المهاجرون { يُحِبُّونَ } يعني الأنصار { مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } مما أوتي المهاجرون يعني ما قسم للمهاجرين من بني النضير { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }.

قال أبو المتوكل الناجي " إن رجلا من المسلمين عبر ثلاثة أيام صائما يمسي فلا يجد ما يفطر عليه فيصبح صائما حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له ثابت بن قيس فقال لأهله إني أجيء الليلة بضيف لي فإذا وضعتم طعامكم فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه فيطفئه ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون ولا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا فلما أمسى وضع أهله طعامهم فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته ثم جعلوا يضربون بأيديهم إلى الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم وإنما كانت خبزة هي قوتهم فلما أصبح ثابت غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي يا ثابت لقد عجب الله منكم البارحة ومن ضيفكم وأنزلت فيه { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } ".

قوله { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } تفسير سعيد بن جبير يعني وقي إدخال الحرام ومنع الزكاة.

يحيى عن خالد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدى الزكاة ماله فقد أعطى حق الله فيه ومن زاد فهو خير له ".

قوله { وَٱلَّذِينَ } أي وللذين هو تبع للكلام الأول { جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } يعني بعد أصحاب النبي إلى يوم القيامة فلم يبق أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه { يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ } هم أصحاب النبي { وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ } حسدا { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ }.