قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ }. تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام عليه عند قوله تعالى:{ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [الكهف: 46]، وقد بين سبب لهو المال والولد عن ذكر الله، بأن العبد يفتن في ذلك في قوله تعالى الآتي في سورة التغابن:{ إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [التغابن: 15]. أي لمن سخر المال في طاعة الله، وبالتأمل في آخر هذه السورة، وآخر التي قبلها نجد اتحاداً في الموضوع والتوجيه. فهناك قوله تعالى:{ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } [الجمعة: 11]. وجاء عقبه مباشرة سورة: إذا جاءك المنافقون، ولعله مما يشعر أن الذين بادروا بالخروج للعير هم المنافقون، وتبعهم الآخرون لحاجتهم لما تحمل العير، وهنا بعد ما ركن المنافقون للمال جاء{ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ } [المنافقون: 7] فكانت أموالهم فتنة لهم في مقالتهم تلك، فحذر الله المؤمنين بقوله: { لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّه } سواء كان المراد بالأموال خصوص ذكر الخطبة والعير المتقدم ذكرهما، أو عموم العبادات والمكتسبات.