الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

{ ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل } لما كان الموت على الكفر سببا لامتناع قبول الفدية دخلت الفاء ههنا ايذانا بسبية المبتدأ لخبره { من احدهم } فدية { ملء الارض ذهبا } تمييز اى ما يملؤها من شرقها الى غربها { ولو افتدى به } اى بملىء الارض ذهبا. فان قيل نفى قبول الافتداء يوهم ان الكافر يملك يوم القيامة من الذهب ما يفتدى به وهو لا يملك فيه تقيرا ولا قطميرا فضلا عن ان يملك ملىء الارض ذهبا. قلنا الكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير فالذهب كناية من اعز الاشياء وكونه ملىء الارض كناية عن كونه فى غاية الكثرة والتقدير لو ان الكافر يوم القيامة قدر على أعز الاشياء بالغا الى غاية الكثرة وقدر على بذله لنيل اعز المطالب لا يقدر على ان يتوسل بذلك الى تخليص نفسه من عذاب الله تعالى المقصود بيان انهم آيسون من تخليص انفسهم من العقاب { اولئك } اشارة الى المذكورين باعتبار اتصافهم بالصفات الشنيعة المذكورة { لهم عذاب اليم } اى مؤلم { وما لهم من ناصرين } فى دفع العذاب عنهم او فى تخفيفه ومن مزيدة للاستغراق وصيغة الجمع لمراعاة الضمير اى ليس لواحد منهم ناصر واحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله لاهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو ان لك ما فى الارض من شىء أكنت تفدى به فيقول نعم فيقول اردت منك اهون من هذا وانت فى صلب آدم ان لا تشرك بى شيأ فابيت الا ان تشرك بى ". قال الامام اعلم ان الكافر على ثلاثة اقسام احدها الذى يتوب عن الكفر توبة صحيحة مقبولة وهو الذى ذكره الله فى قولهإلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم } آل عمران 89. وثانيها الذى يتوب عن ذلك الكفر توبة فاسدة وهوالذى ذكره الله تعالى فى الآية المتقدمة وقاللن تقبل توبتهم } آل عمران 90. وثالثها الذى يموت على الكفرمن غير توبة البتة وهو المذكور فى هذه الآية { ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار } الآية انتهى وهم الذين رسخت هيئة استيلاء النفوس الامارة على قلوبهم وتمكنت وصارت رينا وتناهوا فى الشر والغى وتمادوا فى العناد والبغى فلن يقبل من احدهم ملىء الارض اذ لا يقبل هناك الا الامور النورانية الباقية لان الآخرة هى عالم النور والبقاء فلا وقع ولا خطر للامور الظلمانية الفانية فيها وهل كان سبب كفرهم واحتجابهم الا محبة هذه العوائق الفانية فكيف تكون فداءهم وسبب نجاتهم وقربهم وقبولهم وهى بعينها سبب هلاكهم وبعدهم وخسرانهم وحرمانهم فاياك من اوصاف الكفر وهى حب الدنيا واتباع الهوى والاقبال على شهوات النفس والاعراض عن الحق

السابقالتالي
2