الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً }

شرح الكلمات:

شهيداً: على أني رسول الله إليكم وقد بلغتكم وعلى أنكم كفرتم وعاندتم.

فلن تجد لهم أولياء: أي يهدونهم.

على وجوههم: أي يمشون على وجوههم.

عمياً وبكماً وصماً: لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون.

كلما خبت: أي سكن لهبها زدناهم سعيراً أي تلهباً واستعاراً.

وقالوا: أي منكرين للبعث.

مثلهم: أي أناساً مثلهم.

أجلاً: وقتاً محدداً.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير النبوة المحمدية إذ يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: قل لأولئك المنكرين أن يكون الرسول بشراً، { كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } على أني رسوله وأنتم منكرون عليَّ ذلك.

إنه تعالى كان وما زال { بِعِبَادِهِ خَبِيراً } أي ذا خبرة تامة بهم { بَصِيراً } بأحوالهم يعلم المحق منهم من المبطل، والصادق من الكاذب وسيجزي كلاً بعدله ورحمته.

وقوله تعالى: { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } يخبر تعالى أن الهدايه بيده تعالى فمن يهده الله فهو المهتدي بحق، { وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ } أي يهدونهم بحال من الأحوال، وفي هذا الكلام تسلية للرسول وعزاء في قومه المصرّين على الجحود والانكار لرسالته.

وقوله: { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي أولئك المكذبين الضالين الذين ماتوا على ضلالهم وتكذيبهم فلم يتوبوا نحشرهم يوم القيامة، يمشون على وجوههم حال كونهم عمياً لا يبصرون، بكماً لا ينطقون، صماً لا يسمعون وقوله تعالى: { مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } أي محل استقرارهم في ذلك اليوم جهنم الموصوفة بأنها { كُلَّمَا خَبَتْ } أي سكن لهبها عنهم زادهم الله سعيراً أي تلهباً واستعاراً. وقوله تعالى: { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم } أي ذلك العذاب المذكور جزاؤهم بأنهم كفروا بآيات الله أي بسبب كفرهم بآيات الله. وقولهم إنكاراً للبعث الآخر واستبعاداً له: { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً } أي تراباً { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } ورد الله تعالى على هذا الاستبعاد منهم للحياة الثانية فقال: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أي أينكرون البعث الآخر؟ ولم يروا بعيون قلوبهم { أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ }؟؟‍! بلى إنه لقادر لو كانوا يعلمون!

وقوله تعالى: { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً } أي وقتاً محدوداً معيناً لهلاكهم وعذابهم { لاَّ رَيْبَ فِيهِ } وهم صائرون إليه لا محالة، وقوله: { فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً } أي مع هذا البيان والاستدلال العقلي أبى الظالمون إلا الجحود والكفران ليحق عليهم كلمة العذاب فيذوقوه والعياذ بالله تعالى.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- عظم شهادة الله تعالى ووجوب الاكتفاء بها.

2- الهداية والاضلال بيد الله فيجب طلب الهداية منه والاستعاذة به من الضلال.

3- فظاعة عذاب يوم القيامة إذ يحشر الظالمون يمشون على وجودهم كالحيات وهم صم بكم عمي والعياذ بالله تعالى من حال أهل النار.

4- جهنم جزاء الكفر بآيات الله والانكار للبعث والجزاء يوم القيامة.

5- دليل البعث عقلي كما هو نقلي فالقادر على البدء، قادر عقلاً على الإِعادة بل الاعادة - عقلاً - أهون من البدء للخلق من لا شيء.