الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

{ قالَ سَوفَ اسْتغفرُ لكم ربِّى } وسكن الياء غير نافع وأبى عمرو { إنَّه هو الغَفُور الرَّحيم } أخر الاستغفار إلى ليلة الجمعة فى ثلث ليلها الأخير ثلث ليلها، قال ابن عباس رضى الله عنهما لعلى إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم فى ثلث الليل الأخير لإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال يعقوب لبنيه { سوف أستغفر لكم ربى }. وقيل آخر الاستغفار إلى وقت السحر مطلقا فإنه ساعة إجابة أبدا فى كل ليلة، قيل هو أشرف الأوقات، وهو الوقت الذى يقول الله عز وجل هل من داع فأستجيب له. ولما جاء وقت السحر صلى فرفع يديه وقال اللهم اغفر لى جزعى على يوسف، وقلة صبرى عنه، واغفر لوِلْدى ما فعلوا بيوسف، فأوحى الله إليه أن الله قد غفر لك ولهم أجمعين. وروى أنه لما عفى عنهم يوسف، وغفر لهم، وتحققوا أن أباهم يغفر لهم، بل قد غفر لهم قالوا ما يغنى عنا ذلك إن لم يغفر لنا الله فقالوا له وقد علتهم الكآبة ما يغنى عنا عوفك إن لم يعف عنا ربنا، فإن لم يوح إليك بالعفو فلا قرت لنا عين أبدا، فاستقبل القبلة قائما يدعو ويوسف خلفه يؤمن، وهم خلف يوسف أذلة خاشعين، ولم يجب فيهم مدعيا عشرين سنة، حتى بلغ جهده، وظنوا أنها الهلكة، فنزل جبريل فقال إن الله جل جلاله قد أجاب دعوتك فى وِلْدك، وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة. وقد اختلف فى استنبائهم وروى عن أنس بن مالك أن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله، خلا ولده نجيا فقال بعضهم لبعض ألستم علمتم ما فعلتم بالشيخ يعقوب ويوسف؟ قالوا بلى. قالوا فإن عفوا عنكم فكيف بكم بربكم، فاستقام أمرهم على أن يأتوا الشيخ، فأتوا وجلسوا بين يديه، ويوسف إلى جنبه قاعدا، قالوا يا أبانا أتيناك على أمر لم نأتكم بمثله، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا قط مثله، والأنبياء أرحم البرية. فقال لهم ما لكم يا بنى؟ فقالوا ألست تعلم ما كان منا إليكما؟ قالا بلى، قالوا فإن عفوتما فلا يغنى عنا شيئا إن لم يعف عنا ربنا، قالا فما تريدون؟ قالوا نريد أن تدعوا لنا يا أبانا، فإذا جاء الوحى من عند الله بأنه قد عفى عنا ربنا أقرت أعيننا، واطمأنت قلوبنا، وإلا فلا تقر لنا عين فى الدنيا أبدا. فقام الشيخ فاستقبل القبلة ويوسف خلفه، وهم خلف يوسف أذلة خاشعين، فدعا وأمَّن يوسف فلم يجب فيهم قريبا من عشرين سنة. وقال مكرمة على بن عباس أخر الاستغفار إلى ليلة الجمعة لأنها أشرف الأوقات، وقال وهب ابن منبه كان يستغفر لهم كل ليلة جمعة نيفا وعشرين سنة، وقال طاووس أخر الاستغفار إلى سحر ليلة الجمعة فوافق ليلة عاشوراء، وقيل أخر الاستغفار ليعرف حالهم فى صدق التوبة وإخلاصها، وقال الشعبى أخر حتى يسأل يوسف هل عفى عنهم فإن عفوا لمظلوم شرط المغفرة؟ قال بعض أو حتى يستحلهم من يوسف.

السابقالتالي
2 3