الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }

{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ } إِذا أردت قراءته فعبر بالقراءة عن إِرادتها لأَن إِرادتها سبب لها وملزومة لها. هذا مذهبنا ومذهب الجمهور فى الاستعاذة من أنها قبل القراءة متصلة بها غير مفعول له فذلك كقوله تعالىإِذا قمتم إِلى الصلٰوة } أى إِذا أردتم القيام إِليها، وكقولهم إِذا أكلت فقل بسم الله، وإِذا سافرت فتأَهب، أى إِذا أردت الأَكل وإِذا أردت السفر، وذلك مذهب أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأَئمة وفقهاء الأَمصار وذلك أن الوسوسة تحصل فى أثناء القراءة فتقدم على القراءة لتذهب الوسوسة فلا تؤخر عن وقت الحاجة وسواء كان ذلك فى الصلاة أو غيرها، وقال أبو هريرة وجماعة من الصحابة والتابعين إن الاستعاذة بعد القراءة فى الصلاة وغيرها، وهو قول مالك وجماعة وداود الظاهرى فى أحد قوليه وابن سيرين فى إِحدى الروايتين عنه والنخعى لأَن قارىء القرآن يستحق ثواباً عظيماً، وربما حصلت الوسوسة فى قلبه هل حصل ذلك الثواب أم لا، فإِذا استعاذ اندفعت وخلص الثواب ولظاهر الآية وحجة الجمهور ما روى عن أبى سعيد الخدرى، " أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إِذا قام إِلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إِله غيرك. ثم يقول الله أكبر كبيرا، ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " ، أخرجه الترمذى. وقال الحديث أشهر حديث فى الباب وتكلم فى بعض رجاله، وقال أحمد لا يصح. ولا أبى داود والنسائى عن أبى سعيد نحوه لكن قد نهاه جبريل عن هذا التعوذ، فقال قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وأخرج أبو داود عن جبير بن مطعم أنه رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلى صلاة. قال عمر ولا أدرى أى صلاة هى. قال الله أكبر كبيرا ثلاثاً، والحمد لله كثيراً ثلاثاً، وسبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثاً أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه، قال عمر نفخه الكبر ونفثه الشعر وهمزه المؤتة أى الجنون وهمزه وسوسته فى الصلاة ونفخه إِلقاء الشبه فى الصلاة ليقطعها، وقيل إِذا قرأ الآية الأَولى استعاذ والخطاب للنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويلتحق به غيره من أُمته لأَنها مخاطبة بما خوطب به إِلا ما قام دليله، ولأَنه إِذا احتاج إِلى الاستعاذة فغيره أحق بها. { فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } أى قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما هو المتبادر من لفظ الآية فأعوذ طلب للإِعاذة كما أن استعذ بمعنى اطلب الإِعاذة فإِن العين والتاء زائدتان للطلب، ولفظ أعوذ خبر ومعناه دعاء وطلب وقولك بالله من الشيطان الرجيم مذكور بلفظه فى الآية وكذلك قال صاحب الدرر اللوامع وغير ما فى النحل لا يختار فجعل قولك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كأنه مذكور فى هذه السورة بلفظه، وقيل أعوذ مأخوذ من قوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4