الموضوع |
العقيدة |
رقم الفتوى |
0022 |
السؤال |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هل هناك دليل من الكتاب او السنة ان جسم الشهيد لا يتحلل ؟
جزاكم الله كل خير |
الجواب |
الشهيد حي لكن لا تدرك حياته بالعقل بل بالوحي، إذ يحييه الله تعالى بعد موته حياة البرزخ لا حياة القيامة قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } [البقرة:154] وقال تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران:169]، وفي السنة ان النبي صلى الله شهد لشهداء أحد وعلى رأسهم سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه، وروي أن معاوية رضي الله عنه لما أجرى العين التي استنبطها بالمدينة المنورة في وسط المقبرة، وأمر الناس بتحويل موتاهم وذلك بعد أحد بنحو من خمسين سنه فوجدوا على حالهم حتى أن الكل رأوا المسحاة وقد أصابت قدم حمزة رضي الله عنه فسال منه الدم، وان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخرج أباه عبد الله بن حرام رضي الله عنه كأنما دفن بالأمس، وما ورد عن جابر رضي الله عنه أن السيل حفر قبر عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين رضي الله عنهما وكانا في قبر واحد وكان قبرهما مما يلي السيل، فحفر عنهما لتغيير مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه فسال الدم ثم أرسلت فرجعت كما كانت.
وكان بين أحد وبين يوم الحفر عنهما ست وأربعون سنة، والله تعالى أعلم.
|
|
الموضوع |
العقيدة |
رقم الفتوى |
0023 |
السؤال |
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: ما حكم الشرع في ظاهرة (عيد الحب) القديس فالنتتينا التي بدأت تنتعش في الاردن وما هي نظرة دائرة الافتاء في الاردن الى مثل هذه الظواهر وكيف يمكن حد أو ردع هذه الظواهر؟ موسى حوامده/جريدة الرياض
|
الجواب |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله الطيبين وصحبة الغر الميامين وبعد، فانه من المعلوم ان الاسلام ربط العيد بالعبادة، ليسمو المسلم بالتزامه وانجازه فتتعمق فيه روح الجماعة والايثار ونبذ الأنانية والكراهية، ومما يؤكد ذلك حديث انس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "قد ابدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الاضحى ويوم الفطر"، فالاضحى جاء بعد انجاز عظيم وقد اكمل الله دين الاسلام وتم في الحج أهم الاركان وهو الوقوف بعرفة قال صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، والفطر بعد انجاز آخر من اركان الاسلام الا وهو الصوم. والاسلام دين سماوي{إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ} [آل عمران:19] فهو الدين الذي يبين للناس حدود ما يسيرون عليه وما يلتزمون في عقائدهم وعباداتهم، وما يحل لهم ان يفعلوه، وما يحرم عليهم ان يفعلوه، ولا سلطان على الدين لعرف او عادة او توارث او نقل... لان الدين مصدره الخالق العظيم. وعليه فان ما ورد في السؤال في حكم ما يسمى (بعيد الحب) هو بدعة قبيحة من بدع الدعوة الى المنكر والفجور، ولا يقرها دين سماوي، بل هي دعوة شيطانية للسير وراء الاهواء والشهوات، ونبذ القيم الفاضلة، والاخلاق الحميدة وهي تقليد اعمى للغير دون تفكير وبلا علم ولا هدى،وهي ظاهرة غريبة وافدة على هذا البلد الطيب المبارك، تخالف قيمنا وديننا وقوانيننا فهي فوضى جاوزت حرية الفرد المحترمة والمصانة في هذا البلد لتعبث هذه الفوضى في العقيدة و النظام الاسري والاجتماعي بل تتعداه لتقليد اعمى وانسياق ضال في السرف والترف قال تعالى:{إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} [الإسراء:27] فالسرف والترف حرام وعلى حرام وفي حرام ويؤدي الى الحرام فيزيده حرمة على حرمته وهذا يبرز عظم الامانة وفداحة المسؤولية على المؤسسات الاعلامية والتربوية والثقافية والاجتماعية..ان تتصدى للتوعية والتوجيه درءا للشر عن الافراد والمجتمع وتحصينــًا ووقاية من كل شر، وتصديا له وكشفه وانكاره وليبقى الخير والطمأنينة تعمر نفس كل فرد في مجتمعنا باذن الله تعالى. وان شبابنا والجيل والدين ومصلحة الوطن اغلى من كسب حرام زائل لأولئك المروجين والمنتفعين والمتاجرين بمثل هذه المناسبات التي تجر الشر وتتعدى حدود الافراد قال تعالى: {وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ} [الأنفال:25]. وان هذه البدعة ليست ظاهرة بمعنى الظاهرة في الاردن وانما هي محدودة ولله الحمد ضمن فئة قليلة لا تمثل باي حال من الاحوال المجتمع الاردني وهي في اماكن ضيقة جدًا ومحدودة ايضا. وهذا لا يعني عدم الاكتراث بهذه السلوكيات وأمثالها فانكار المنكر واجب كما ان الامر بالمعروف واجب ايضا قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104] وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ} [آل عمران:110] والله تعالى أعلم.
|
|
الموضوع |
العقيدة |
رقم الفتوى |
0024 |
السؤال |
سماحة مفتي عام المملكة المحترم السؤال: سمعتم عن إشاعة حدوث زلزال في الاردن على ضوء إشاعات وصلت الى اكبر شريحة في البلد ماذا تقول لمروجي الإشاعات بشكل عام؟ وماذا تقول بهذه الشائعة حول القضاء والقدر؟ واقبلوا الاحترام حيدر المجالي/ جريدة الرأي
|
الجواب |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد، تعني الشائعة ما ينتشر ويكثر الحديث فيه ويقوى بحيث لا يمكن انكاره وهي ظاهرة تكشف واقع المجتمع وحقيقته في تقبله لشائعات معينة، وتكشف نفسية الافراد وتصوراتهم وتوجهاتهم وتكشف عن طبيعة الضعف البشري حين يغيب او يضعف الوازع الديني الذي يربط الانسان بربه، ويقوي فيه روح الجماعة والتناسق في النسيج الاجتماعي المدعوم بالوعي والعلم ليكون المجتمع قويًا ويزداد قوة باختلاف المستويات والتخصصات لان التنوع والتميز تكامل يصب في خدمة الجميع بثقة واخلاص ابتغاء مرضاة الله تعالى ليكون اي جهد او عمل طاعة وعبادة قبل كل شيء، وبهذا يصعب على من يريد خلخلة المجتمع القوي وتوجيهه كما يريد من خلال الشائعة، وهو ما حرص عليه الاسلام في ربط الفرد بدينه ورد ما يخفى عليه من الأمر الى ولاة الأمر والعلماء وأهل الاختصاص قال تعالى: {وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:83] فالأصل ان يوجه السؤال لأهل الاختصاص لقوله تعالى: {فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل:43] فهم الاقدر على الاجابة بما يعرض عليهم ويقدرون ما يقال للعامة وما هو الأنفع لهم وما هو من شأن اهل الاختصاص مما لا يعيه العامة بل يثير البلبلة بالزيادة والنقص او التحريف والتأويل حسب هوى النفس من العامة اما لجهلهم في اختصاص معين او قد يبنون على تصرف او على كلمة ما لا تحتمل وخاصة اذا كان ذلك من مختص او مسؤول او أكثر ويكون البناء على الكلام او التصرف من باب التوقع والتخمين والاستنتاج الخاطئ الذي لا يقف عند حدود من أخطأ بل نشر الخطأ واشاعته من خلال وسائل الاتصال الحديثة والنشر كالبريد الالكتروني... وحتى هذه الرسائل المختصرة والمختزلة يتناقلها الناس في اجواء الشائعة بمفاهيم مختلفة تزيد من الشيوع والاهتمام، ولا شك ان من يعمل على نشر الشائعة القائمة على الكذب آثم فالمسلم لا يكذب والاشاعة التي تنشر الخوف والقلق وتفزع الناس حرام واشاعتها كبيرة من الكبائر يتحمل وزرها من عمد الى نشرها ووزر من نشرها ولعل ما يبرز ذلك خطورة الشائعة ما حصل على جسر الأئمة ببغداد إذ المتعمد لاثارة الشائعة وصفه الله تعالى بالمنافق قال تعالى: {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً} [الاحزاب:60] والمرجفون هم من يشيعون الكذب والباطل للاغتمام به، ويعمدون الى نشر اراجيف الأخبار. وان ديننا الحنيف يحذر من خوض الانسان فيما لا يعلم وان يهرف بما لا يعرف قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] ان الشائعة لها اثرها الخطير ولذا لا بد من الاشارة أنها اصبحت وسيلة حرب واداة قياس فان الاعداء الذين يدرسون واقع المجتمعات يعمدون الى نشر الشائعات لتحقيق اهداف معينة لهم ولمعرفة مدى نجاحهم في نشر الشائعة واثرها. ومن ذلك خطورة شائعة حدوث زلزال مدمر في الاردن مع العلم ان العلم عاجز لغاية الآن عن الاخبار عن الزلازل قبل وقوعها فهي تحصل في اقوى الدول وأغناهاكالولايات المتحدة الامريكية واليابان وفي اضعفها كما حصل في تسونامي. وهكذا يثبت العلم والواقع ان العلم عاجز عن التنبؤ بوقوع الزلازل فكيف تنجح شائعة وقوع زلزال بين المواطنين وتجعل الكثيرين منهم يقضون معظم ساعات الليل وربما كلها خارج بيوتهم في هلع وترقب وهو ما انعكس على الناس شرًا وقلقًا وخوفًا واثر على العمل والانتاج. ان المسلم يؤمن بالقضاء والقدر وهو ركن من اركان الايمان وان ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا} [التوبة:51] وقال تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء:78] وقال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجده:11] ولذا فالمسلم لا يفزعه ابتلاء ولا تطغيه نعماء "عجبًا لأمر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرًا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرًا له" ويدفعه ذلك الى اللجوء الى الله سبحانه بصالح العمل وطيب الدعاء والثقة بما عند الله يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "أمتي هذه مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل" بل ان المسلم يمضي في عمله وشؤون حياته بثبات ودون هلع او جزع حتى ولو قامت القيامة وزلزلت الارض زلزالها بما لا يستطيع مقياس الزلازل ان يقيسه حيث يكون الدمار الشامل ومع ذلك فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "اذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" امتدادًا للعمل الصالح وحرصًا على الخير والنفع وطلبًا للأجر والثواب الموعود المبني على خير العمل دون انتظار لثمار او نتائج {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:7] وقال تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ} [فصلت:46] ولا ينافي ذلك التوكل باعداد ما يمكن اعداده كل حسب اختصاصه من الحرص على بناء مسكن مناسب حسب اهل الاختصاص ولا يمنع من التمرين والاعداد للمساعدة كل حسب اختصاصه لكن دون اثارة للناس واتاحة الوساوس والشائعات والله تعالى أعلم.
|
|
الموضوع |
العقيدة |
رقم الفتوى |
0025 |
السؤال |
فضيلة الشيخ سعيد عبد الحفيظ حجاوي المحترم تحية طيبة وبعد، أرجو التكرم بتوضيح رأي الشريعة الاسلامية السمحة في موضوع الكذب، خاصة وان هناك فئة من الشباب تقسم الكذب في فئتين فمنهم من يقول ان الكذب الابيض حلال والكذب الاسود حرام وهل هناك كذب مباح من وجهة نظر شريعتنا الاسلامية؟ وكيف يمكن ان نعد جيلا من الشباب المتمسك بالعقيدة الاسلامية ويبتعد عن الكذب مع ابداء الراي بهذا الموضوع من الجوانب المختلفة، اي ذكر الاسباب والعوامل التي قد تدفع الشباب على الكذب وكيف يمكن معالجة هذه الظاهرة؟ راجيًا من سماحتكم التكرم بالاجابة في أقرب وقت ممكن. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام المستدعي: (ص ع)
|
الجواب |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد، فان الكذب المقصود في السؤال هو الاخبار عن الشيء او الامر بخلاف ما هو عليه في الواقع، وهو خلاف الصدق. وحكم الكذب حرام شرعًا الا في امور ثلاثة رخص فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي: [ الحرب، والاصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المراة زوجها] وهذه للضرورة درءًا لمفسدة وجلبًا لمنفعة لها أثارها ونتائجها على البلاد والأمة والأسرة. ولا يوجد في الاسلام كذب بلونين اما ابيض واما اسود فالكذب حرام وقبيح والتحليل والتحريم من اختصاص الله تعالى وليس من وضع الناس ولذا فالمسلم الملتزم بدينه لا يكذب قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ} [النحل:105] ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب" وحين سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيكون المؤمن كذابًا فقال: "لا" فلا يجتمع ايمان وكذب يبعد صاحبه عن طمأنينة القلب وراحة الضمير والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "دع ما يريبك الى ما لا يريبك فان الصدق طمأنينة والكذب ريبة" وقد يجر صاحبه الى المراوغة والخداع حتى يصل به الى النفاق قال تعالى:{إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] وقال تعالى في وصف المنافقين:{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة:10] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا أأتمن خان". وقد يتهاون المرء بأمر الكذب فيصبح له عادة وخلقًا ويخوض في اعراض الناس زورًا وبهتانًا ويكون سببًا في العداوة والبغضاء بينهم، وقد يستهين بآيات الله تعالى ويستحوذ عليه الشيطان فيخرجه من الايمان علم او لم يعلم فيظلم نفسه ومن يتأثر به قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ} [الزمر:32] بل قد يستهين بالحلف الكاذب طمعًا في الحصول على منفعة او متاع زائل يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .... المنفق سلعته بالحلف الكاذب" وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أطيب الكسب التجار الذين اذا حدثوا لم يكذبوا..." وتقول عائشة رضي الله عنها: [ما كان حلف ابغض الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالكذب فما يزال في نفسه حتى يعلم انه قد أحدث منها توبة]. وقد يبرر بعض الناس الكذب بانه يريد النكتة ليدخل السرور والبهجة على جلسائه فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القول ويل له ويل له" وقد يبرر الكذب بانه يقول مزاحًا وللمداعبة فيجب ان تكون صدقًا ولا يجوز ان تكون كذبًا ولا باطلاً ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تمار اخاك ولا تمازحه" وحين قال الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: انك تداعبنا قال: "اني لا أقول الا حقًا". وقد يتصور البعض ان السبق في نقل الخبر أو ان يتحدث بكل ما يسمع ليحوز على رضى مسؤول وجمهور ومن ذلك ما يقال عن السبق الصحفي او الاعلامي دون تثبت او الوقوف على الحقيقة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "كفى بالمرء إثماً ان يحدث بكل ما سمع" ومن ذلك ان يختزل من الكلام او يتصرف به كما يشاء او يزيد عليه ويحمله مالا يحتمل وفي كل ذلك مذموم إذ للكلمة مكانتها قال تعالى: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم او على مناخرهم الا حصائد السنتهم". ان الكذب سبيله سهل ولكن عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات". نعم ان الخير والنفع الحقيقي في الدنيا والاخرة انما هو بالتزام الصدق والبعد عن الكذب قولا وسلوكًا واعتقادًا قال تعالى: {يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ} [التوبة:119] . وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "عليكم بالصدق فان الصدق يهدي الى البر وان البر يهدي الى الجنة وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا وإياكم والكذب فان الكذب يهدي الى الفجور وان الفجور يهدي الى النار وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً". وهكذا يتجلى ان معالجة الظاهرة بمعرفة الحلال من الحرام عن وعي وبصيرة والحرص على التربية الاسلامية في اسرنا ومدارسنا ووسائل اعلامنا لتكون الثقة والاحترام والالتزام والله من وراء القصد وهو الأعلم بالصواب
|
|
الموضوع |
العقيدة |
رقم الفتوى |
0026 |
السؤال |
فضيلة المفتي العام بالوكاله المحترم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، رسالة من السيد (ف إ) إلى السيد (إ ع) / مكتب المسلمون – عمان ،ووجه السؤال السيد (م د). نقلت وكالات الأنباء عن إجراءات تطبيق الشريعة في الشيشان، وأذيعت صور حية لأحكام نفذت في بعض أفراد من الذين يحتسون الخمر والزنا وغير ذلك من الذين طبقت عليهم العقوبات الشرعية. وهناك شكوى من التطبيق بأن الذين يصدرون الأحكام ليسوا قضاة شرعيين وان الذين يطبقون هذه الأحكام هم قادة ميدانيون. هل من الواجب تأجيل هذا التطبيق إلى ان يستند الوضع هناك حتى يمكن للدولة الشيشانية المستقلة ان تقوم بدون مشاكل خاصة وان هناك طوائف أخرى غير مسلمة في الشيشان؟ نرجو اختيار احد المفكرين أو المختصين الإسلاميين واحد العملاء الشرعيين ليتكلم حول هذا الأمر. نرجو التعجل في إرسال الموضوع الذي سينشر ضمن مشاركات أخرى كتحقيق على صفحة كاملة بمجرد تلقينا له. وشكرًا لكم على تعاونكم المستدعي: (م د)
|
الجواب |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد، فإن المسلمين يتلقون الحكم الشرعي بالقبول والاحترام وان اختلفت الدرجات بين الأفراد، إذ الحكم الشرعي اخبار عن الله تعالى ولا يتأتى ذلك إلا بأصول حددها الشرع ومن أهل الاختصاص قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ} [فاطر:28 ]. وإن الشريعة بالنسبة للمسلمين ليست مدار خلاف فهي ما دعا الله تعالى عباده إلى فعله قال تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة:120] . فأحكام الشريعة حقائق ساطعة تستند إلى أصول ثابتة لا تتأثر بدغدغة العواطف أو أحلام اليقظة أو بالحسابات المرهقة ممن يجهلون الإسلام سواء كان ذلك حقيقة أو عن علم لم يصلوا به إلى الحق بسبب حقدهم وحسدهم فلا ينظرون إلى الإسلام والمسلمين إلا بمنظار اسود يقودهم إلى مفاهيم تنبع من الأهواء وتسلك سبل الزيغ و الضلال. وبناء على ما تقدم فان نقل وكالات الأنباء غير كاف لتقرير حكم شرعي إذ الحكم فرع من تصوره، و نقل الإنباء يعكس وجهة نظر ناقله، كما أن الوكالة تخدم من خلال نقلها و اهتمامها ونشرها أهداف أصحابها مع إدراكنا بخطورة الكلمة و التسرع في إطلاق الأحكام في هذه المرحلة الحرجة على الشيشان خاصة وعلى المسلمين بعامة. وعليه فإني أرى ان علماء الشيشان وفقهائهم هم الأكثر معرفة بحقيقة الوضع وواقع الحال وهم أهل الثغور والأعلم بدقائق الأمور وخفاياها والعلم المطلوب هنا هو فرض كفاية قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122]. وإلا فبإمكانهم ان رأوا مخاطبة المجامع الفقهية ومجالس الإفتاء في البلاد العربية والإسلامية لبيان الحكم الشرعي للمسائل التي يطرحونها، أو المشكلات التي يرون مشورة إخوانهم لحلها وهي سبيل العلم {فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل:43]، والعلم رحم بين أهله ولترعى الأمانة بإيمان وصدق وإخلاص وحرص على الخير والصالح العام وهو مقصد شرعي، ولتؤدي الكلمة الطيبة دورها الطيب قال الله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27]. إن للكلمة الان خطورتها واثرها بما يفوق اثر السلاح فلنتق الله تعالى في أنفسنا وفي إخواننا وفي ديننا والله من وراء القصد و الأعلم بالصواب.
|
|
|
|