الموضوع
الكلمة/الجملة
اسأل هنا

 
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0122
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة المفتي ..
حكم من يجد وساوس خبيثة وخيالات اخبث في ذات رب العالمين مع العلم انه لم ينطق بها فما حكمها وهل تخرجه من الملة ؟
الجواب
ليس بالوسع دفع الخواطر، ولا الخواطر نفسها، فهي خارجة عن الارادة، وليست مكتسبة قال تعالى {لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ان الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به انفسها، ما لم تتكلم به، او تعمل به
وعليه فالمؤمن غير مؤاخذ على ما يجول في خاطره من وساوس ومن باب أولى انها لا تخرجه عن الملة والله تعالى اعلم.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0123
السؤال
قال الله تعالي فى سورة البقرة إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارىٰ والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وهنا لدي عدة تساؤلات: 1 هل معني ذلك أن أصحاب الشرائع الاخرى غير شريعة خاتم النبيين سيدنا محمد فى وقتنا الحالي مع ملاحظة أن الآية عامة و لم تخصص زمنا معينا أو فترة معينة ان لهم أجرا حسنا إن كانوا موحدين ويعملون الصالحات ( امثال المخترعين الاجانب والعلماء وغيرهم مثلا )؟ 2 ذكرت الآية ان لتلك الفئات أجرا من الله وأن لا خوف عليهم وأنهمم لا يحزنون، هل معني ذلك أن الأجر فى الدنيا فقط أم الدنيا والاخرة معا؟ وإن كان فى الاخرة فهل ذلك الأجر هو الجنة؟ وان كان كذلك فلماذا لم يصرح بها الله؟ أم أن هناك أجرا فى الاخرة غير الجنة للذين امنوا ومن هم على شاكلتهم من الملل الاخري يرتبط سؤالي هذا بقول الله تعالي ان الدين عند الله الإسلام ۗ وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ۗ ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب وهل الإسلام هنا المقصود به شرع أمة محمد صلي الله عليه و سلم أم ان المقصود هنا الاسلام بمعناه الشامل حيث من المعلوم ان الانبياء ابراهيم ونوح ويونس وموسي ويوسف بل من الجن ايضا مسلمون من واقع بعض ايات القران ( بمعني هل اجزم القرأن والسنة المطهرة ان غير المؤمنين من غير امة محمد مصيرهم النار في الاخرة حتى ولو كانوا يعملون الصالحات ويؤمنون بوجود اله واحد هو الخالق الأوحد) نرجو من فضيلتكم ايضاح المسألة لازالة اي لبس او غموض ونسأل المولى عز وجل أن يجرى الحق على لسانك وأن يسدد خطاك وأن يفتح عليك من فيوضاته وأن ينفعك وينفعنا بعلمك ويجعلك من العالمين العاملين.
الجواب
لما بين تعالى حال من خالف اوامره، وارتكب زواجره وتعدى في فعل ما لا إذن فيه، وانتهاك المحارم، وما أحل بهم من النكال منه تعالى على ان من احسن من الأمم السالفة واطاع فله جزاء الحسنى، وكذلك الأمر إلى قيام الساعة كل من اتبع الرسول النبي الأمي فله السعادة الأبدية، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا هم يحزنون على ما يتركونه ويخلفونه كما قال تعالى: الا ان اولياء الله لا خوف عليهم، وكما تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار في قوله تعالى {إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] فقوله تعالى {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62] وقوله تعالى {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69] اختلف المتأولون في المراد بالذين آمنوا هنا فقال سفيان الثوري: هم المنافقون في امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كأنه قال: إن الذين آمنوا في ظاهر أمرهم، بألسنتهم دون قلوبهم من أهل النفاق وقرنهم باليهود والنصارى والصايئين ثم بين حكم من آمن بالله واليوم الآخر من جميعهم، فكل من تعاطى دينا من الأديان السماوية في وقت شرعه وقبل نسخه، وآمن بما جاء به وعمل صالحا فلهم أجرهم ولا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، فمن تمسك بالتوراة، وسنة موسى عليه السلام حتى جاء عيسى عليه السلام فلما جاء عيسى عليه السلام كان من تمسك بالتوراة، واخذ بسنة موسى فلم يدعها، ولم يتبع عيسى عليه السلام كان هالكا، وايمان النصارى ان من تمسك بالانجيل منهم، وشرائع عيسى عليه السلام كان مؤمنا مقبولا منه، حتى جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن لم يتبع محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ويدع ما كان عليه من سنة عيس والانجيل كان هالكا وهذا قول السدي وروي نحو ذلك عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، وهذا لا يتعارض مع ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهماأن ما ورد في الآية الواردة في السؤال اخبار ان الله تعالى لا يقبل من احد طريقة ولا عملا الا ما كان موافقا لشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد ان بعثه بما بعثه به، فاما قبل ذلك، فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل ونجاة فاليهود اتباع موسى عليه السلام الذين كانوا يتحاكمونالى التوراة في زمانهم، فلما بعث الله تعالى عيسى عليه السلام وجب على بني اسرائيل اتباعه والانقياد له فاصحابه واهل دينه هم النصارى، وقد يقال لهم انصار ايضا كما قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام، {مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ} [الصف: 14] فلما بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خاتما للنبين ورسولا الى بني آدم على الاطلاق وجب عليهم تصديقه فيما اخبر، وطاعته فيما أمر، والا بكفاف عما عنه زجر وهؤلاء هم المؤمنون حقا، وسميت أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنين لكثرة ايمانهم وشدة ايقانهم، ولأنهم يؤمنوا بجميع الانبياء الماضية، والغيوب الآتية واما الصابئون فقد اختلف فيهم قال مجاهد: الصابئون قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين وروي عن عطاء وسعيد بن جبير نحو ذلك، وقال ابو العالية والربيع بن أنس والسدي وابو الشعثاء جابر بن زيد والضحاك واسحاق بن راهويه، الصابئوب فرقة من اهل الكذب يقرءون الزبور ولهذا قال ابو حنيفة واسحاق لا بأس بذبائحهم، ومناكحتهم، وعن الحسن انهم كالمجوس، وعنه انهم قوم يعبدون الملائكة، وقال ابو جعفر الرازي بلغني ان الصابئين قوم يعبدون الملائكة ويقرءون الزبور ويصلون للقبلة وهكذا قيل عن قتادة وعن ابن ابي الزناد عن ابيه قال: الصابئون قوم مما يلي العراق، وهم بكوئي وهم يؤمنون بالنبين كلهم، ويصومون من كل سنة ثلاثين يوما، ويصلون الى اليمن كل يوم خمس صلوات، وسئل وهب بن منبه عن الصابئين فقال: الذي يعرف الله وحده، وليست له شريعة يعمل بها، ولم يحدث كفرا، وقال عبد الرحمن بن زيد، الصابئون اهل دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل يقولون لا اله الا الله وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي الا قول لا اله الا الله قال: ولم يؤمنوا برسول واظهر الأقوال انهم قوم ليسوا على دين اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا المشركين، وانما هم قوم باقون على فطرتهم، ولا دين مقرر لهم يتبعونه ويقتفونه، ولهذا كان المشركون ينبذون من اسلم بالصابئ اي أنه قد خرج عن سائر اديان اهل الأرض آنذاك.
وعليه:
1) أن كل شريعة تنسخ ما قبلها، وان الشريعة الآسلامية نسخت كل الشرائع السابقة فمن يعمل صالحا على غير هدي ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فله الجزاء في الدنيا لكن إن كان في زمن الرسول الذي اتبعه فله الجزاء في الدنيا والآخرة.
2) جزاء المؤمنين في الدنيا والآخرة ولهم في الآخرة الجنة ووردت في آيات كثيرة وهناك من الجزاء رؤية الله عز وجل.
والمقصود بالاسلام في الآية (19) من سورة آل عمران هو الطاعة والملة، والاسلام بمعنى الايمان والطاعات كما امر الله تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [الروم: 30] وعن الاسود بن سريع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فابواه يهودانه او ينصرانه، او يمجسانه [رواه ابو يعلى في مسنده والطبراني في الكبير والبيهقي في السنن] وروا همسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه بلفظ كل انسان تلده امه على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه، فان كانا مسلمين فمسلم، كل انسان تلده امه يلكز الشيطان في خصيتيه الا مريم وابنها ورواه بلفظ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها من جدعاء وأورد القرطبي في شرح الآية [البقرة: 62] حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: لا يسمع بي احد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لم يؤمن بالذي ارسلت به الا كان من اصحاب النار ذلك ان الله تعالى بين أن القرآن الكريم تصديق لما سبق ودعوة لأهل الكتاب بالايمان قال تعالى {يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً} [النساء: 47] وقال تعالى {وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ} [البقرة: 41] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [البقرة: 91] {وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48] واللع تعالى اعلم.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0124
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أين الله ؟
سؤال لطالما يتردد على مسامعنا ، ولطالما يخطر في بالنا ، ولطالما قرأناه في صحيح مسلم ، ولكن الخطب أعظم من ذلك ، فالعقل لا يتصور لخالق عظيم أن يسأل عنه بأين ، ولكن تجد بعض المشايخ يلزمونك به وكأنه رابع أسئلة القبر الثلاثة :من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
زيد الخطيب
الجواب
لا خلاف أنّ معرفة (الله هي أسمى المعارف، وأجلّها، وهي الأساس الذي تقوم عليه الحياة الروحيّة كلها، فمنها تفرعت المعرفة بالأنبياء والرسل، وما يتصل بهم من حيث عصمتهم، ووظيفتهم، وصفاتهم، والحاجة إلى رسالاتهم، وما يلحق بذلك من المعجزات، والكتب السماويّة، ومنها تشعبت المعرفة بعالم ما وراء المادة من الملائكة والجنّ والروح ونحوها، ومنها انبثقت المعرفة بمصير هذه الحياة، وما تنتهي إليه من الحياة البرزخيّة، والحياة الأخرويّة من البعث والحساب، والثواب والعقاب، والجنّة والنّار، ونحو ذلك) [عقيدة المسلم وما يتصل بها للشيخ عبد الحميد السائح ص 74].
وأن السؤال عن الله جل جلاله بأين؟ يعني سؤال عن المكان، ومعنى المكان (ما يحوي الشيء ويحيط به، ويحتاج إليه) فالله سبحانه متنزه عن ذلك، وإن أريد المكان (ما فوق العالم، وإن لم يكن أمرًا موجودًا.... فالله فوق خلقه، وإذا لم يكن إلا خالق أو مخلوق، فالخالق بائن من المخلوق، فهو الظاهر ليس فوقه شيء، وهو فوق سماواته، فوق عرشه بائن من خلقه، كما دلّ عليه الكتاب والسنة واتفقت عليه الأئمة) [المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال، وهو مختصر منهاج السنة لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، اختصره الحافظ أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي/ ص 87].
فالله جل جلاله بغير حدّ ولا كيف، قال تعالى: {ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ} [طه: 5].
وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]
فمفهوم الألوهيّة في الإسلام ليس مفهومًا ماديًّا؛ (لأنه لو كان كذلك لتجسد الإله، ولو تجسد لتحدّد، ولو تحدّد لوقع في دائرة الحسّ، وفي أماكنه، ويراه خلق، ويغيب عن خلق، وذلك مما يذهب بجلال الذات، وينزل من قدرها، ويسقط من هيبتها) [عقيدة المسلم للشيخ محمد الغزالي] ولا يتعارض هذا مع ما ورد في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن معاوية بن الحكم السُّلمي – رضي الله عنه قال: وكانت لي جارية ترعى غنمًا لي قِبَلَ أحد والجوانِيَّة، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غَنمها، وأنا رجلٌ من بني آدم، آسفُ كما يأسفون، لكنني صككتها صكة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعظَّم ذلك عليَّ، قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة قال النووي في شرحه: (هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الإيمان، أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى، ليس كمثله شيء، وتنزيهه عن سمات المخلوقات. والثاني: تأويله بما يليق به، فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبّر الفعال هو الله وحده، وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء، كما إذا صلّى المصلي استقبل الكعبة؟ وليس ذلك؛ لأنه ليس منحصرًا في السماء، كما أنه ليس منحصرًا في جهة الكعبة، بل ذلك لأن السماء قِبلة الدّاعين، كما أن الكعبة قِبلة المصلين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم، فلمّا قالت: في السماء، علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان. قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدّثهم ومتكلمهم ونظّارهم ومقلدهم، إن الظواهر الواردة بذكر الله – تعالى في السماء، كقوله تعالى: {ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ} [الملك: 16] ونحوه ليست على ظاهرها، بل متأولة عند جميعهم، فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدّثين والفقهاء والمتكلمين تأول (في السماء) أي على السماء.
ومن قال من دهماء النظّار والمتكلمين وأصحاب التنزيه نفي الحدّ، واستحالة الجهة في حقه سبحانه وتعالى، تأولوها تأويلات بحسب مقتضاها، وذكر نحو ما سبق.
قال: وياليت شعري ما الذي جمع أهل السنة والحق كلهم على وجوب الإمساك عن الفكر في الذات كما أمروا، وسكتوا لحيرة العقل، واتفقوا على تحريم التكييف والتشكيل، وأن ذلك من وقوفهم وإمساكهم غيرُ شكٍّ في الوجود والموجود، وغير قادح في التوحيد بل هو حقيقته، ثم تسامح بعضهم بإثبات الجهة خاشيًا من مثل هذا التسامح؛ وهل بين التكييف، وإثبات الجهات فرق؟.
لكن إطلاق ما أطلقه الشرع من أنه القاهر فوق عباده، وأنه استوى على العرش مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلي الذي لا يصح في المعقول غيره، وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] عصمة لمن وفقه الله تعالى، وهذا كلام القاضي رحمه الله تعالى). [صحيح مسلم بشرح النووي 5/27،26] والله تعالى أعلم.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0125
السؤال
الله سبحانه و تعالى هو العدل يهدي و يضل ثم يحاسب من هداه و من ضله كيف افهم ذلك؟
الجواب
إن الله عز وجل خلقنا وبين لنا من خلال الرسل عليهم الصلاة والسلام سبيل الهدى والرشاد، وحذرنا من الهوى والضلال، وجعل سبحانه العقل مناط التكليف وترك لنا حرية الاختيار قال تعالى { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [الانسان: 3] وقال تعالى: { وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ } [البلد: 10] فالله سبحانه وتعالى يحاسب الانسان على ما اختار لنفسه من خير أو شر، وعلى كسبه وعمله قال تعالى: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 78] وعليه فلا شك في عدل الله تعالى القائل في كتابه العزيز { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } [فصلت: 46] وفي الحديث القدسي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل أنه قال: يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ... رواه مسلم، والله تعالى أعلم.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0126
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
نشكر الله على ان خلقني مسلمآ واشكر الظروف التي جعلتني اعيش في البلاد المقدسة فلسطين

سؤالي هو اذا كان الانسان مخيرا في حياته يعيشها بالطريقه التي يحلو له اذا آمن بالله واتبع رسله دخل الجنه واذا لم يفعل دخل النار ...
لماذا كان الله يعاقب الاقوام الكافرة التي لم تتبع الرسل في دنياهم ؟ اليسو مخيرين !!!
لماذا لم يفعل ذلك بعد موتهم او في قيام الساعه ؟
الجواب
إن الله سبحانه وتعالى هو الخالق، خلق السموات والأرض بالحق، قال تعالى:} أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ{ [إبراهيم:1920] وهو سبحانه خلق الجن والإنس لعبادته، قال تعالى: } وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ { [ الذاريات:56] وهو جل وعلا المالك الحقيقي للسماوات والأرض وما فيهن وما بينهما، قال تعالى: } أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ { [البقرة:107] وقال تعالى: } وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [المائدة:17] وقال تعالى: } للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [المائدة:120] وقال تعالى: } للَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ { [النور:46] وقال تعالى: } وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { [الزخرف:85] وقال تعالى: } فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ ٱلْحَكِيمُ { [الجاثية:3637] فالله سبحانه الخالق المالك القدير الحكيم العدل والمنصف بكل صفات الكمال، يفعل ما يريد، قال تعالى: } فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ { [البروج:16] وهو وحده سبحانه قال تعالى: } لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ { [الأنبياء:23] وإذا كان يعذر من ينذر من الخلق فإن الله سبحانه وتعالى أنذر خلقه وأمهلهم وصبر عليهم وبعث إليهم الرسل مبشرين ومنذرين فأزاح بذلك كل عذر، قال تعالى: } رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً { [النساء165] فالناس مخيرون ولكنهم يجنون نتاج أفعالهم، قال تعالى: } لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ{ [الحديد:25]، بل إن من رحمة الله أن يبتلي خلقه لعل النقمة تكون نعمة، قال تعالى: } لوَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ { [السجدة:21] و قال تعالى: } وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ { [الأعراف:94] و قال تعالى: } وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ { [الأعراف:130] فتلك حكمة الله تعالى في خلقه القائل في كتابه العزيز } وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ { [الأنبياء:16] أي عبثاً وباطلاً، بل للتنبيه على أن له خالقاً قادراً يجب إمتثال أمره، وأنه يجازي المسيء والمحسن، أي ما خلقنا السماء والأرض ليظلم بعض الناس بعضاً، ويكفر بعضهم، ويخالف بعضهم ما أمر به ثم يموتوا ولا يجازوا، ولا يؤمروا في الدنيا بحسن، ولا ينهوا عن قبيح، وهذا اللعب المنفي عن الحكيم ضده الحكمة ( الجامع لأحكام القرآن الكريم للقرطبي11/276 ) .
وعلى مستوى الأمم فإن الطغيان والظلم والفساد حين يتجاوز حدوده، ولا يجد من يردعه، ويهلك الحرث والنسل، ويعيث في الأرض فساداً، ولا يأبه لحق، ولا يفكر بعدل،ويضرب عرض الحائط بكل الشرائع والأعراف والقوانين، وأهل الإيمان والخير والحق عاجزون عن الوقوف في وجهه، أو درء ضرره وشره، أو الوقاية من فساده وظلمه وبطشه، فلا حول ولا قوة لهم إلا بالله تعالى، وهنا تتجلى القدرة الإلهية ولتكون العبرة والموعظة ثم يكون الجزاء العادل في الآخرة، قال تعالى: } وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ { [طه:127].
 

 
 (47)  (49) (909)  
  50 49 48 47 46 45 44 43 42 41 40  مزيد